من الذين قاتلوا بشرف ومن الذين قاتلوا خيانة ؟
عندما نفتح الصفحات التاريخية
المعاصرة للبنان المعاصر لا بد وأن نضع النقاط على الحروف ، ونوضح الحقائق
التاريخية بلا لبس أو غموض ، وعلينا أن
نسمي الأشياء بمسمياتها دون زيادة أو نقصان ، ولنبدأ مع بدايات القرن الماضي عندما مرت فرنسا
ومعها حلفاؤها في لبنان ، وكان الجميع يحملون مشروعا تفتيتيا واضح
المعالم ، يبنى على أساس تقسيم التركة
العثمانية وتفتيت الأمة العربية ، باعتبارها
إحدى ضحايا الجهالة العثمانية الكبرى وكانت أوروبا قد حددت عملاءها في كل
من مصر والخليج والعراق وبلاد الشام ، وكان
لبنان على صغره وضآلة حجمه هدفا فرنسيا
على أنه لقمة صغيرة لفرنسا ، فكان
الإنتداب ، وكان انتزاع لبنان من أحضان سوريا ليسمى حينا لبنان "
الكبير" وحينا لبنان الصغير وهو صغير
على كل حال ، وفي أعقاب الحرب الكونية
الثانية وعندما رسمت معالم الإستقلال
المزيف والمشوه والمموه لما يعرف الآن بلبنان ، على أن يحكم فرنسيا عن طريق الطائفة المارونية
وبمساعدة العملاء الذين حددتهم فرنسا وكانت إسرائيل في الصورة ، ولا يمكن أن ننسى سايكس بيكو ، ثم اجتاحت إسرائيل لبنان وانتزعت منه ما انتزعت وقتلت من قتلت ، وكان لبنان الماروني يحمل شعار " قوة لبنان في ضعفه" وكان أن أعلن
لبنان أنه في حرب وهمية مع إسرائيل على
ألا يحارب وعلى ألا يُمَكَّن من صد حرب أو هجوم ، وكان كميل شمعون العميل يعمل على
هذا وقامت الثورة الوطنية اللبنانية وكان
عبد الناصر ثم جاء فؤاد شهاب .. وعلينا أن
نعترف منذ البداية بأن الطائفة المارونية الكريمة ممثلة كسائر الطوائف اللبنانية
بسفهائها ــ بعيدا عن شرفائها ــ تحملت مسؤولية الكثير من الظلم والإستبداد
والإنحراف عن الجادة وتحركت الفئات
اللبنانية والنخب على أساس غير طائفي وكان
الماروني حميد فرنجية والسني رشيد كرامي وصائب سلام والشيعي أحمد الأسعد والدرزي كمال
جنبلاط والشيوعي والبعثي والقومي
السوري ثم الناصري فشكلوا فريقا وطنيا واحدا بدعم عربي ممثلا
بالجمهورية العربية المتحدة ..لرفع الحيف والظلم وكشف المخطط الشمعوني
المرتبط بإسرائيل ، وفي هذه الأثناء انبرى
الإنعزاليون للفتنة الطائفية وتحالفوا مع
إسرائيل وحتى اللحظة لم نتحدث عن الذين
قاتلوا بشرف والذين قاتلوا خيانة ، والسياسة تتغير مع مرور الأيام ، والمواقف تتبدل
، وما زال لبنان يعتبر " قوته في ضعفه " فماذا جنت هذه السياسة علينا
وماذا جرت علينا من ويلات ؟ ولا يسمح لنا الوقت بالدخول في مزيد من التفصيلات عن التطورات السياسية وغياب الرجال عن الساحة
العربية التي انفرد بها الخونة وأشباه الرجال
من الذين يعرفهم القاصي والداني ، واحتل الفلسطينيون الجنوب بإرادة إسرائيلية
وتآمر عربي كذلك التآمر الذي حاكه نبيل العربي
في وقت لم يمض عليه الزمن بزعامة
العملاء الذين كانوا امتدادا لخيانة السادات وتأسيسا على الذين أسستهم بريطانيا والصهيونية
في الخليج وكان الهدف توطين الفلسطينيين وترحيل الشيعة كما يشتهي السعوديون ...وكان ما كان دخل الصهاينة على الخط ولطالما كانوا
داخلين فأعملوا الحراب وفتكوا بالناس
الجنوبيين تحديدا وتم تهجير الجنوبيين وأنشئت المحتشدات النازية المعروفة في كل من
الخيام وأنصار ، وانهزم ياسر عرفات
كالجرذون وكان من المخططين بالرغم من كل
إمكاناته وتركنا وحيدين في الساحة واستحكمت إسرائيل وتحكمت برقابنا وبقي العملاء
يروجون لمقولة " قوة لبنان في ضعفه وكان لابد للجنوبيين من امتشاق السلاح حتى تمكنوا
بإمكاناتهم البسيطة وسط صمت وتآمر عربيين
وعالميين من دحر الصهاينة الذين عجز
الخائن ياسر عرفات عن الوقوف في وجههم رغم إمكاناته الهائلة ولو يوما واحدا وفي ضل هذا الوضع تأسس حزب الله للدفاع عن
الأرض الوطن ، في مواجهة جيش لحد وإسرائيل معا ، ولو كان هناك دولة لما اضطر
الشيعة لتأسيس هذا الحزب الذي قاتل بشرف
ومعه قاتل الشيوعيون والبعثيون والناصريون
والقوميون السوريون وكل الشرفاء والتقدميون ، وقدم اللبنانيون الشرفاء الألوف من الشهداء وكان المحافظون الجدد أو
الخونة الجدد من عملاء إسرائيل الذين
مولتهم السعودية وحلفاؤها بالمرصاد لحزب
اله ولكل من قاوم إسرئيل ، ثم كانت حرب
ال2006 التي فقد معها السعوديون صوابهم وهبوا للدفاع عن إسرائيل ، ولطالما كانوا ومعهم العملاء ينحون باللائمة على
حزب الله على أنه خاض مغامرة ضد إسرائيل ، والذي يقول مثل هذا الكلام يكون لديه بعض الحرص والغيرة والنية على ألا يكون هناك
مغامرة أخرى ، وكان عليه شرعا أن يتبنى
الوقوف إلى جانب حزب الله ومن معه للدفاع عن الأرض ولطالما كان المتصهينون يقولون بأن مزارع شبعا إنما تحرر
بالمفاوضات ومضى الزمن ولم يكن هناك مفاوضات ولم يكن هناك تحرير ولن يكون ، وأعود
للقول بأن الوقت غير مناسب لندخل في تفاصيل أكثر
ولكن المحصلة أن الذين قاتلوا بشرف هم حزب الله والشيوعيون وأمل والبعثيون والناصريون والقوميون السوريون وحزب الله عندما دخل سوريا كان يدرك جيدا ماذا
ينتظره ومن يواجه ويدرك فداحة الخطب ومدى ما سيقدمه من الخسائر والتضحيات ، وكلنا
يعرف الأسباب والغايات والأهداف ، وهو قاتل ومل زال يقاتل بشرف قتال الأبطال والمجاهدين والصابرين المرابطين
وهو يعلن يوميا عن شهدائه ويشيعهم ويكرمهم ولايخفي شيئا على الناس ولم يدخل سوريا اختلاسا
وتسللا ، ولم يهرب السلاح سرا ولم يقصر في الرد على
إسرائيل في الوقت المناسب ، ولكن الذين
حاربوا خيانة وعمالة وإجراما هم قادة
المحاور في طرابلس وعرسال والداعشيون
المتسترون والنصرويون الذين يجبنون عن مجرد تبنيهم لمواقفهم فهم كالخفافيش وقبلهم حارب سعد حداد وسمير جعجع والكتائب مع إسرائيل جهارا
نهارا ، ثم حارب بعد ذلك الأربعطعشيون خيانة فإلى أولئك الذين يتحدثون اليوم عن
السيادة والدولة عليهم أن يتحدثوا عن تسليح الجيش ولو كان الجيش
اللبناني مسلحا ومهيئا للوقوف في وجه العدو الخارجي كيفما
كان ومن يكون وتسلم مهمة الدفاع عن المواطنين لما وجد حزب
الله أصلا ولما قاتل واستشهد الشيوعيون والأمليون وكل الشرفاء ، نقول لهؤلاء الصبيان والغلمان كفاكم تشدقا وكفاكم بهتانا وزورا واصمتوا.. وهذا يكون خيرا لكم كونوا رجالا ولو لمرة واحدة فالذي يتحدث عن الدولة والسيادة والمؤسسات
عليه أن يدرك متى يقال هذا الكلام وكيف يكون كلاما صحيحا وصادقا ونقول
لكم بالفم الملآن : سلحوا الجيش اللبناني
وليكن سلاحه من الشيطان ما دام هو من سيحمل هذا السلاح وهو الذي سيستعمله ونحن عندئذ
سوف نقول لحزب الله : إسترح وانزع سلاحك
فهناك رجال من صلبنا ومن شعبنا وأهلنا وقد خبرناهم سيدافعون عن أرضنا وعرضنا وشرفنا ... ولكنكم
أيها الجبناء تدركون جيدا أن أمريكا لو أعطتنا سلاحا سوف يمنع علينا استعماله ضد العدو وإنما ضد
الشقيق أي للفتنة كما يفعل آل سعود في اليمن وأنتم تحلمون بأن نحمل السلاح على أن
نستعمله في الفتن الداخلية أو في وجه أعداء إسرائيل أي للقتال مع إسرائيل ....
ولكن موتوا بغيضكم أيها الجبناء وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبن والعاقبة
للمتقين واللعنة على الكاذبين .
22/01/2016