الحراك الشعبي
خلفياته وتداعياته
نحن نعيش هذه الأيام حدثا احتجاجيا
جماهيريا واسعا وهو وإن كان متأخرا إلا
أنه كان يمثل إرادة شعبية ورغبة حقيقية
بالتغيير والإنتفاض على أوضاع ومفاسد بلغت
حدا لايمكن معه السكوت على ما أصاب مجتمعنا من الحيف والظلم وبلغ فيه
الفساد درجة عالية من التعفن كما عبرت فيه السلطات المعنية عن وقاحة ما بعدها وقاحة وقد تبلدت فيها المشاعر وكأن المسؤولين غير
معنيين بتلك الفضائح أو بذلك المسلسل الطويل من الفضائح التي بلغت درجة متقدمة من التجذر حتى بتنا جزءا منها ، نعم إن هذا الحراك لو نظرنا إليه نظرة عابرة لرأينا
أنه يعبر عن مشاعر وأحاسيس كل الشرفاء ورغبتنا جميعا بالتغيير وكل ما وصمت
به السلطة من الصفات كان دون ما تستحقه بمعنى أن الجماهير نفست عن كربها وعبرت عن معاناتها ،ولكن السؤال
المطروح هل يكون في الأمر تخطيط للإلتحاق بالركب العربي فيما انتهت إليه الحال وقد اصطلح على تسميته
بالربيع العربي ، فكان خريفا عاصفا مكفهرا ، وتكون صرخة جماهيرنا في واد سحيق وتكون المخططات
الجهنمية أقوى من إرادتنا ، وصراخنا
وتتمكن القوى الخفية من الإلتفاف على هذه الإنتفاضة كما التفت عليها في مصر
وتونس وليبيا ويتم التبديل من سيئ إلى ما
هو أسوأ ؟ السؤال مطروح والإجابة عليه صعبة
تستوجب طرح أسئلة أخرى منها هل
هناك من هيئة وطنية معروفة تمسك بزمام المبادرة وتحافظ على الحركة وتمنعها من
الإنهيار أو الإرتماء في أحضان المتآمرين ؟ وهل هناك ما يجعلنا مطمئنين لنقول عرف الشعب طريقه ؟ نعم نحن متخوفون وقلقون لأن التجربة المصرية جعلتنا نتخوف حيث أن
الثورة انطلقت وكنا معها ومع كل الشعارات
التي رفعها المتظاهرون ثم ما لبثنا حتى
فقدناها وخفتت كل الأصوات واختفى أصحابها وتدحرجت كرة التغيير لتبدأ بالإخوان
وتنتهي إلى غيراتجاه ، ثم قدر لها أن تمر بمراحل حتى تمت السيطرة عليها أخيرا وعادت مصر إلى
رتابتها السابقة وبنفس الوتيرةفي الوقت الذي أخذ الإرهاب طريقه إليها من
بوابة ؟ نعم نحن متخوفون لأن التوقيت كما يبدو لي يجعلنا ننظر إلى البعيد بعين الشك والريبة إن الأيام
المقبلة كفيلة بالإجابة على تساؤلاتنا لأن المخفي غير المعلن دائما هو الأخطر وأن العفوية غير المستندة أو
المبثقة عن إستراتيجية مدروسة تذهب أدراج الرياح وأن الخصم ذكي وممسك بزمام المبادرة وهذا ما لا
نتمناه .. وهو مبعث قلقنا فهل
تختلف الصورة في لبنان عن الصورة في أقطار عربية أخرى ؟
29/08/2015