الأسير المعتقل .....و"بياعة " الجوز...
حدثتني جدتي في طفولتي أن ملكا من ملوك الزمان كان يحتفظ بخزنته في زاوية من زوايا قصره
المنيف ، وذات يوم تمكن أحد اللصوص من التسلل إلى الخزنة ،
وسرق ماشاء ثم توارى عن الأنظار، وأيقن
الملك أن اللص ، ولأمر ما ، لا بد وأن يعيد الكرة ، فأعد الملك للص كمينا في الباب المؤدي إلى الخزنة وجعل في هذا الكمين " خلقينة " أي
قدر كبير ، وفيه زفت يغلي ، وما أن حاول اللص العبور إلى الخزنة حتى سقط في
الخلقينة ومات للتو ... وأعلن الملك أن اللص
لقي حتفه ولكنه بحاجة إلى الكشف عن هويته وطلب مراقبة كل البيوت فمن عثر
على امرأة أو طفل يبكي حزنا فهذا يعني أن
اللص منهم ,ان البكاء قرينة على ذلك ،
وكانت زوجة اللص على جانب من الذكاء
والمكر ، ولم تتمكن من حبس دموعها وإخفاء حزنها وجزعها على زوجها فلجأت إلى الحيلة
وهذه الحيلة تمثلت في أن تملأ قفة بالجوز
وتخرج لبيعها في وسط المدينة ، على
أنها بائعة جوز... ولما وصلت إلى المكان المناسب لعرض سلعتها تصنعت العثور
عن طريق الإصطدام برجل كان يقف بمحاذاتها فسقطت المرأة أرضا وسقطت القفة
عن رأسها وتدحرج الجوز في أرجاء الساحة
،عندها انفجرت المرأة وأجهشت بالبكاء
والنحيب وهي تصرخ : " ياجوزي ياجويزاتي وياستار عويباتي وياخرابك يابيتي " فالتف الناس حولها وهم
يسترضونها ويعملون على جمع " الجوز " لها ومساعدتها وهم يجهلون الحقيقة وهي تمعن وتسترسل
في البكاء وكان أن بكت على زوجها دون أن يشعر بها أحد من حراس الملك واعتبروا أنها
إنما تبكي على ما تبعثر لها من الجوز الذي كانت أحضرته لبيعه والإرتزاق منه ، هنا تنتهي" الحدوثة " التي ذهبت مثلا على إتقان الحيلة ومكر المرأة وهنا
نتوقف عند أحمد " بيك " الأسير
الذي اعتقل لجريمة تفوق جريمة اللص الذي سرق خزنة الملك بما أراقه من الدماء أما الذين بكوا عليه على طريقة بائعة " الجوز"
فكان منهم أحمد فتفت وسمير جعجع وعلي
حمادة ... والحبل على الجرار وكل بكى على طريقته فمنهم من تباكى ب: لكن " ومنهم من تباكى " بلو"
ومنهم من نزفت دموعه عن طريق البصل
وياما سوف نرى البكائين على" البطل ط
المغوار " " أحمد بيك " الأسير وحال هؤلاء كحال الزوجة التي تصنعت البكاء على " الجوز " وهي إنما
تبكي على زوجها ، ولهؤلاء نقول أبكوا ما
شاء لكم أن تبكو واذرفوا دموع
التماسيح وغدا لا بد وأن تبكوا على خالد الظاهر وعلي الحجيري وأبي طاقية والحبل كذلك على الجرار .. وهنا لابد لنا من
التوقف قليلا عند خطأ ارتكبته مؤسسة الأمن العام بحيث كان ينبغي وكما نعلم من
ثقافة القبض على الجواسيس والخونة والعملاء
حيث نعلن الأسماء بالحروف ونتكتم على
العناوين وهذا الأمر بات معروفا
لجماعة الأمن والمتتبعين لأنشطة جماعة الأمن ، فمن الذي أعلن الخبر ؟ ومن الذي سرب المعلومة قبل
وقتها ؟وقبل استكمال موسم حصادها ؟ فلأحمد الأسير أعوان وذيول زامتدادات ، ابتدأ ت قائمتهم من منزل النائبة التي استدعي سائقها وانتهاء بمخيم عين الحلوة
" البؤرة " العالمية للفتن ..والمؤامرات ومرورا بإقليم الخروب ووصولا
إلى طرابلس وعرسال والسؤال الملح هو : من الذي سرب المعلومة قبل استكمال استجواب الجاسوس الخائن ؟ومن يتحمل مسؤولية ذلك
ويبدو أن لبنان رغم وجود رجال أشداء أذكياء محترفين مثل عباس إبراهيم سوف يبقى كالقربة المثقوبة ، ونقول معها : فالج لا تعالج ، وهنا لابد وأن نتوقع إطلاق سراح الأسير بحيث
يكون إلقاء القبض عليه رحمة لا نقمة وفرجا لا ضيقا : توتا توتا خلصت الحدوثة ..
19/08/2015