لبنان نظام مهترئ ...... ختامه
...النفايات ماالعجب ؟
العنوان طويل نوعا ما ولكنني وكعادتي لا أحب الترميز والإبهام
والغموض ، وأفضل دائما أن يكون دخولي
للموضوع أي موضوع كان في السياسة والأدب ،
أم في التاريخ والتحليل أو أي موضوع آخر ، هو أن يكون دخولي شفافا ومباشرا دون لف والتفاف أو تمويه ودوران ،
وموضوعي الآن هو عن لبنان كل لبنان
بتاريخه ونظامه ومكوناته وأطيافه وعلاقاته
وإدارته وما انجر على ذلك من فساد لفنا بسياط القهر والعهر والفقر والإحباط ..... فأنا وفي البداية أتذكر أيام
الحرب اللبنانية الأهلية ، حيث كانت
المعركة إنقسامية طائفية أو شبه طائفية، أي
مناصفة ولم يكن هناك تداخل بين الفريقين
وأعني أن رقم 11 لم يكن لدى أحد متواجدا كسلم يمكن الصعود عليه إلى تحقيق المصالح
المشتركة بين اللصوص والنهابين ، إلا الفقراء الذين كانوا يقطعون المسافات متجاوزين ومخترقين لخطوط التماس على أرجلهم ، ويومذاك لم يعرف لبنان أزمة في الكهرباء لأن " الإنعزاليين " وهو التعبير
الذي كنا نطلقه على الفريق الآخر لم يكن
يجمعهم سقف واحد مع الطرف الآخر ، ولا حتى أي نوع منواع التقاطع أو التداخل ،
فكانت الكهرباء بصحة جيدة وإنارة كاملة وهي الوحيدة التي كانت تلقي أشعتها على الفريقين
، فنظما القتل والتقاتل تحت ضوئها لا تحت ضوء الشمعة كما هو الحال اليوم ، وأنا بدأت بالكهرباء لأصل إلى ما سواها ، وتكون الخاتمة زفتا ونفايات لا مسكا وعطورات
، هذا البلد الذي يخضع لنظام
المحاصصة كما أرادته فرنسا والطائف أخيرا ثم الطوائف ، فهذا الوطن ، لم يقر له قرار ولم يعرف أهله السكينة والمواطنة
والعيش الهادئ ، كسائر الناس حتى في مجاهل
إفريقيا ، وكانت الكهرباء في هذا ازمن وعلى مدى مايزيد عن عقدين من الزمن
،عروس المحن وسيدة الفضائح والكوارث ، وغول المحارق والمجازر ، والحق أن وصول الحريرية إلى حكم لبنان على
الطريقةالسعودية ، كانت بابا للمفاسد وخزانا
للفتن وتعميق الهوة بين المواطنين ، والمعضلات التي لا يمكن أن تعرف حلا ، فالديون التي شارفت على سبعين مليار دولار هي
مشكلة مستعصية حيث ارتفعت الديون من الأربعين مليار إلى السبعين وأنا وأنت
المكلفون بالضريبة ندفع تلك الفوائد في
الوقت الذي نصفق فيه للجلاد ولا نشعر بذلك
، إذن هذه معضلة ثم كانت معضلة الفراغ الرئاسي وتلتها معضلة التعيينات وهي مشاكل أيضا استعصت على الحل ، وبفعل فاعل تكون الحريرية
بشكل أوبآخر ، هي المسؤولة عنه لأن الفيتو
السعودي رفض إلا أن يكون الرئيس على مقاسها ، جاهلا مجرما ذيلا لها ولإسرائيل ، ثم كان الطائف فإذا به هو الآخر محنة ومعضلة لا
حلا توافقيا مقبولا ، ولن نتحدث عن الإحتلالات الإسرائيلية والأمريكية والعرفاتية
ولا أقول الفلسطينية ، ثم جاءت معضلة الغاز والنفط ، وقد امتنعنا عن المباشرة باستغلاله ، وبأوامر إسرائيلية ثم جاءت معضلة اختطاف العساكر في جرود عرسال
فكانت وستبقى إلى أن يأخذ الله ودائعه من العساكر المحتجزين ، ويومذاك سوف نفاوض على استرجاع الجثث وقبل ذلك
كانت مأساة احتجاز زوار الشيعة في
أعزاز ، وما زالت المعضلات تتهافت على
لبنان المحاصر بالعدو الصهيونس وبإفرازاته
الداعشية ، ورفضنا أن يكون لهذا
الجيش درع يحميه و سلاح يدافع به عن نفسه ، إلا
إذا كانت الحرب مع سوريا أو حزب الله أو أي حرب داخلية ، ثم
معضلةالإنتخابات النيابية وتمسك البعض بقانون أكل الدهر عليه وشرب ، ورفضوا تحديثه أو مجرد الحديث عن أي قانون انتخابي حضاري يعتمد على النسبية
والمواطنة ، وما زلنا نراوح مكاننا ، والواقع أننا نعيش بحالة فراغ على جميع
المستويات ....فالبرلمان ممدد له وهو غير شرعي.... والرئاسة معطلة وليتنا
مددنا لميشيل سليمان... ولكن التمديد كان
ممنوعا لا لرداءة الرجل وانحرافه عن
التوافق بل لأن النية كانت تتجه
للإستدراج بنا نحوالفراغ المطلق واللانهائي .. أي أنها كانت مخططة ، ولم
أتكلم عن الميزانية التي رفضوا تقديمها أو اعتمادها على مدى عشر سنوات فأي بلد ذلك الذي نعيش فيه وأي نظام ذلك الذي
تلبسنا به دون أن يكون على مقاس أحد في
هذا الزمن ...... إذن إنه نظام متعفن
ومغرق بالفساد وبات مستهلكا ، ولايمكن ترقيعه
أورتقه أو إصلاحه فهو إذن نظام
فاسد على كل المقاييس فلا مناصفة ولا مثالثة ولا نسبية ولا مواطنة ولا عدالة ....
بل الرشاوى والمحسوبية والجريمة
والإستبداد والهدر والضرائب العمياء
مباشرة كانت أم غير مباشرة فإنها تنهبنا
وتفقرنا وتسير بنا في اتجاه حياة يكون فيها السكان بنسبة تفوق السبعين بالمئة تحت خط الفقر.... وأخيرا وثالثة الأثافي كانت
أزمة النفايات ففي الغرب يحولون النفايات إلى طاقة كهربائية ونحن
حولناها إلى محرقة حقيقية للناس والوطن
بشجره وحجره وبشره .. وتاريخه ... وهذه المهزلة المأساة كشفت للعيان مدى هشاشة
النظام بحيث أصبح والزبالة ( النفايات )
في مستوى واحد .... فلبنان من جنوبه إلى شماله ومن عاصمته حتى حدوده الشرقية أصبح مكبا واسعا عريضا للنفايات فلا سياحة بعد
اليوم ولا جمال ولا رقص ولا غناء ولا ارتزاق لطبقة المخنثين ومن يلف لفهم فكيف الحل ؟ من منكم كان يعرف ما هي ومن تمثل شركة السوكليس التي هي متفرعة عن سوليداي ؟ من كان منكم يعرف كيف كانت
تتم المناقصات حول النفايات ؟ من كان
منكم يعرف أن النفايات كانت تشكل منجما للذهب على حسابنا وحساب عمال النظافة
المساكين والفقراء ؟ وعلى حساب صحتهم ؟
إذا كنتم تجهلون الحقيقة فاسألوا السنيورة
وأوساط السنيورة وعلى ذمةالوزير السابق وئام وهاب ، فلديه
الإجابة الكافية الشافية والمفارقة
العجيبة الغريبة ، أننا نعيش اليوم في
أجواء النظام الحقيقية وهي رائحة النتانة
والعفونة ، فهي كما تنبعث من طبيعة
النظام فإنهاتنبعث من النفايات والمكبات المنتشرة بحيث تمخضت عن رائحة النظام الذي بلغ الحد
الأعلى من التعفن والسؤال : هل تحل هذه الأزمة حضاريا دون أن تتعثر
بشباك الطائفية الممدودة والممدد لها ..! والمحسوبية
والرشاوى ،ولا تسألوني أخيرا عن العدالة لأن طارق يتيم هو خير من يتكفل بالحديث عن
ذلك هو وسائر المحميات التي طالما احتمى
بحماها القتلة والمجرمون ليتحول لبنان إلى
بلد منكوب بالجرائم التي هي كمكب
النفايات التي لن تجد حلا ومشكلة الكهرباء التي لن تجد هي الأخرى حلا .. ناهيك عن
الأصفاد التي يكبل بها لبنان إقليميا
ودوليا تلك القيود التي تمنعنا عن
أي حراك ما لم يكن للأسفل والوراء ..
24/07/2015