الاثنين، 20 يوليو 2015

هل يكون في لبنان إصلاح ؟

                               كيف ومتى يكون في لبنان  إصلاح ؟

 على مدى سبعين عاما في لبنان  أي منذ مايسمى اصطلاحا وتجاوزا  بالإستقلال  الذي منحنا إياه الفرنسيون  دون أن ننتزعه ،  وتم تأسيسه على بحر من الفساد وبركان من المتفجرات  والبراكين  ومسلسل من الأحداث الدامية والحروب والإحتلالات والمشاكل المستعصية التي  لم ولن تعرف حلولا في المستقبل القريب ،  نستطيع بهاأن نصل إلى بر الأمان  وشاطئ السلامة والإستقرار،  وهذه المشاكل بدل أن تجد ولو حلولا جزئية مطمئنة  كانت تزداد تعقيدا  وصعوبة  ولنقل إستحالة ، فهل كان هذا يتم  بفعل تأثيرات  ومؤامرات أجنبية وإقليمية أو محلية ؟ أو الإثنين معا ؟ أو أن طبيعتنا  قد جبلت  على الفساد والإستعصاء واستحالة الحلول وقبول الأمر الواقع والإستكانة  والهوان  ؟ كل هذه الأمور لابد وأن نستعرضها بشكل مجرد وبطريقة علمية نخضعها لقواعد الحتمية والمراحل التاريخية  ،  ففرنسا  وكعادتها لم تدخل بلدا إلا وتركت فيه بدل ما يعرف بمسمار جحا  مسامير أوخورازيق جحا  ، كما صنعت في الجزائر ، وفرنسا بالتالي لم تتفرد بهذا دون غيرها من القوى الإستعمارية والسبب بسيط وهو أن  الأمم الأوروبية المستعمرة كانت تعتمد على إستراتيجية طموحة و ذكية وطويلة الأمد ،   وتعمل بأناة  وتعتمد على الحنكة والصبر والمراوغة  والغدر ثم البطش ، وخلق البؤر  والنتوءات  وزرع الفتن واستنبات الصراعات واصطناع العملاء  بطريقةلا يشعر معها العميل على أنه عميل بل تشعره وكأنه يدافع عن مستقبله ومصالحه  ووجوده ،  فكانت الطائفية وكانت المذهبية  وكانت تمهد لحروب وفتن مذهبية  بحيث لا تخمد نارها  حتى تبعث من جديد وفي أواخر حكم السلطنة العثمانية تمكنت  لا من خلق الفتنة الدرزية المسيحية بل من  تثبيتها  لتبعث  بعد خمود ، ولأتفه الأسباب ، وأسست لذلك ،  ولم تكن تلك الفتنة صناعة طرف واحد بل كانت مزدوجة  بين فرنسا وبريطانيا اللتين مهدتا عن طريقها للدخول إلى لبنان من أوسع الأبواب ، والإنطلاق إلى بلاد الشام والجزيرة  حيث جعلوا من لبنان مقرا وممرا ،   فوقفت بريطانيا إلى جانب الدروز وفرنسا إلى جانب الموارنة  في ظل  رعونة عثمانية حيث كانت هذه الدولة تعاني من سكرات  شيخوخة أدت بها إلى الهزيمة والتلاشي والزوال ،  وهما بالطبع ماأرادتا الدروز وما أرادتا الموارنة ، وفي أعقاب الحرب الثانية تمكنت فرنسا من رسم خريطة جديدة للبنان تكون على مقاسها ومقاس مصالحها الإقتصادية والتوسعية والسياسية ، فكان لبنان الصغير الذي تأسس على آثار وركام المتصرفية الفاشلة ثم لبنان الكبير ليبنى على طائفية زرعت معها العفونة وتأسس الفساد على أيدي حفنة من العملاء  ، أولئك الذين تم الإصطلاح على وصفهم بأبطال ورجال الإستقلال وقد تورطوا بإقامة علاقات مشبوهة مع الفرنسيين ، وكانت تلك  الأكذوبة قد انطلقت من بشامون وراشيا حيث أقام هؤلاء  على أنهم معتقلون ، ثم أوعزت فرنسا بقيام مظاهرات  تطالب بإلإفراج عنهم ، لتطلق سراحهم بعد ذلك على أنهم " رجال " استقلال ، فكان ذلك الإستقلال مهزلة  وكانت  تلك العملية  من المضحكات المبكيات ، حيث تمخضت العملية عن  نظام ماروني متعفن  وحكومة سنية رديفة ورئاسة مجلس نواب شيعي ،  كان ألعوبة بيد الطرفين المتنفذين ، وتأسست المذهبية بشكل نافر  ومثير ،  فعاشت طائفة الشيعة على الهامش حتى ما يعرف بمؤتمر الطائف  أي في أعقاب حرب أهلية حصدات العشرات بل مئات الألوف من القتلى والجرحى والمعاقين ثم تأسست ممالك الطوائف  بطريقة لا تبعث على فقدان الثقة وتأريث الأحقاد والعداوات فقط بل تبعث على كثير من الإشمئزاز والتقزز ،  فلبنان  أخذ الجوانب السيئة من النظام الإتحادي المعمول به دون الإعلان عنه  وهو عبارة عن مجموعة  إمارات أو ممالك غير معلنة  تتغذى روافدها من الإقطاع السياسي  النتن وتتسمى زورا وبهتانا  بنظام جمهوري لا يملك من طبيعة النظام الجمهوري إلا الإسم  ،  وكانت وما زالت الهزات الإقليمية  سرعان ما تتجاوب  أصداؤها في لبنان على شكل هزات إرتدادية  عنيفة كانت سرعان ما تتحول إلى حروب أهلية طاحنة ، فالحكم الماروني  ابتداء من عهد بشارة الخوري  جعل من لبنان مزرعة مارونية تتحكم بها البطريركية ومرجعيتها فرنسا ،  وزعامات هذه الطائفة تتحكم بالبلد وجعلته على مقاسها ،  بحيث عاشت باقي الطوائف وخاصة الطائفة الشيعية على هامش الهامش في حين كانت الطائفة السنية تتغذى على فتات ماتجود به الطائفة المارونية أو حيتان الطائفة المارونية  فاندلعت المواجهات الأولى  في أواخر  أو منتصف الفترة الثانية  التجديدية لولاية بشارةالخوري اقتصرت على  مظاهرات سلميةانتهت باستقالة بشارة الخوري ،   ليحل محله كميل شمعون  فكان أردأ وأسوا وأكثر فسادا من سابقه واتضحت نواياه الأكثر ديكتاتورية  والأكثر تعفنا  وتعاونا مع  الغرب وقد كشفت التحقيقات فيما بعد على أنهزار إسرائيل ، وكانت مصروكانت الوحدةالسورية المصرية  وكان عبد الناصر  القوي العملاق ،  الذي تدخل لوقف النزيف وإراقة الدماء ،  ونجح بالتعاون مع المعارضة اللبنانية وكان من زعمائها أحمد الأسعد وصائب سلام  وحميد فرنجية وكمال جنبلاط  ، وجاء فؤاد شهاب  الذي حفظ لبنان  وحافظ على التوازنات  ثم ارتحل  ومع  نهايةعهده عادت السيناريوهات لتطل على لبنان بأثواب جديدة ومظاهر وأشكال مختلفة  براقة مزركشة فاقعة الألوان حينا وباهتة  رمادية بأجواء غائمة حينا آخر ... مرسليمان فرنجية وترك  ماترك وتفجرت الأحداث ولا نريد هنا أن نتوقف عند الأشخاص فلفرنجية سيئات وله حسنات  ومآثر ومن حسناته أنه تصدىللأمريكيين الذين حاولوا  إقناعه بضرورة تهجير المسيحيين ليعيشوا "بنعيم  "حضارة الغرب ولعلهم كانوا يهيئون في ذلك الحين لزمن الداعشية المتحالفة مع الصهيونية ، والداعشية تضرب الأقليات الدينية بتوجيه من الصهيونية لتبرر يهودية الدولة في فلسطين ،   وإلا فإننا حتى الآن لم نجد أي تفسير لهذه المحاولة التي تكررت في أكثر من مناسبة ووقعت الحرب الأهلية  التي حصدت مرة أخرى  أكثر من ثلاث ماية ألف بين قتيل وجريح ومعاق ،  وكانت طائفية بامتيازمسيحي  - مسلم  ثم انتهت بالطائف حينا والدوحة حينا آخر وجنيف مرة أخرى ثم توقف النزف ليتربع على حكم لبنان حيتان من ثلاث طوائف السنة الذين تعزز نصيبهم بنزع صلاحيات رئيس الجمهورية  لضمها إلى صلاحيات رئيس الوزراء السني المدعوم سعوديا  وصلاحيات رئيس مجلس النواب  الشيعي بحيث أصبحت مدةالرئيسين الثاني الشيعي والثالث السني على مدى أربع سنوات كاملة ، بعد أن كانت سنة واحدة ،  ولنترك هذه العناوين  دون الدخول إلى التفاصيل التي باتت معروفة لدى القاصي والداني ونعود  مجددا لعناون أخرىمرتبطة مباشرةبالوضع الإقليمي فأمريكا وفرنسا احتلتا لبنان معا وأرسلتا جيوشهما التي ألحق الشيعة بها الهزيمة حيث فجروا قوات المارينز وأسفر ذلك التفجير عن قتل 500 جندي أمريكي حسب  المصادر الأمريكية وكذلك فعلوا مع الفرنسيين ...و لذلك تمتنع كل من الدولتين منذ هاتين الحادثتين عن إرسال قوات مسلحة لهما إلى لبنان وناصبتا الشيعة عداء مزمنا تجسد حاليا بمحاربة حزب الله دون أن  تفوتنا الإشارة إلى تفجير المعسكر الإسرائيلي في صور على يد الإستشهادي الشيعي حسن قصير ،  ثم كان الإحتلال العرفاتي ولاأقول الفلسطيني للجنوب ومد النفوذ إلى كل لبنان وعاث الرجل مع عصاباته فسادا لم تصنع مثله إسرائيل ،   وكان هذا الإحتلال من أصعب الإحتلالات وأشرها وأخطرها والسبب أننا مع الفلسطينيين  وهم  أهلنا وأصحاب قضية  ما فتئنا نناضل من أجلها ونقدم الشهداء علىمذبحها ، ومن الصعب أن نشهر في وجههم السلاح وكان هؤلاء قد اقترح مؤتمر الخرطوم صاحب اللاءات الثلاث الكاذبة  احتلالهم الجنوب ليكون في الظاهر منطلقا للتحرير وفي الباطن وطنا للفلسطينيين ،  وأفسد ياسر عرفات ما شاء له أن يفسد  وانتهى عميلاوجاسوسا بحيث انكشفت مؤامراته وهو يجر أذيا ل الخيبة  خلفه ،  وكشف عن أنه عميل للسعودية وأمريكا وإسرائيل معا ، بطبيعة الحال  ،  حيث انتهى بإقرار الهزيمة والإعتراف بحق إسرائيل بأراضي عام 1948  وذهب  ذليلا خانعا إلى أوسلو ومدريد وباع فلسطين !!!وانتهى شبحه إلى الأبد وإلى غير رجعة  ثم كان الإحتلال الإسرائيلي الذي تولى الشيعة أمر معالجته  وتحملوا تبعاته  حتىتمكنوا من طرده  دون أن يتمكنوا من  تجنب اعتداءاته إلا بدعم إيراني سوري  عام 2006 وانتهت فصول مسلسل كارثي  ما زلنا نعاني منه   ، وقتل رفيق الحريري الذي فشل في جمع الصيف والشتاءعلى  سطح واحد بعدما قررت أمريكا قتله ليجعلوا منه عثمانا جديدا وفتنة طال وما زال  ظلها الثقيل  ينوء بثقله وقد تطورت عمليةحمل القميص والتلويح به  ، حيث ورثته  مجموعة سوء وهي خليط من عملاء إسرائيل ومجموعة من العامةوالدهماء وأولئك الذين اعتلفوا على معالف الراحل رفيق الحريري ، وآخرون ممن كانت ومازالت تربطهم بإسرائيل وحليفتها السعودية   روابط " مودة " وتعاون  ثم ظهر الدواعش  ابتداء من حرب إفغانستان  وما زلنا نعاني من آثارهم   البشعةحتى يومنا هذا ،  وتلك مرحلةجديد اختلط فيها الحابل بالنابل واختلطت الأوراق بشكل في غاية الخطورة ، و لا بد من الوقوف عندها طويلا حتى ننتقل إلى معالجة الوضع اللبناني ونتحدث عن إمكانيةإصلاحه  أو إصلاح نظامه ...
          ‏20‏/07‏/2015


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق