الجمعة، 19 يونيو 2015

حتى تكون مصر أم الدنيا وسيدة العرب




             متى تكون مصر سيدة العرب والعالم وأم الدنيا لاقطر !

كتب أحدهم وهو يزعم بأنه يحب مصر وهو كاذب لاشك فقال إن مصر أم الدنيا وسيدة العرب والعالم ، وفي تفاصيل حديثه ما يثبت أنه جاهل إن لم يكن من الكذابين ،  وأن يحب المرء بلده ومسقط رأسه  هو أمر لاجدل ولا نقاش حوله  ، ولكن أن يربط حبه بعميل أو صنيعة أو مجرد رجل قدر له أن يسخر الأدوات والوسائل الإعلامية للتطبيل له وتلميع صورته ،  أو قاعدة باطلة ،  فهذا هو الأمر المرفوض والمستنكر جملة وتفصيلا ، حتى ولو كان ذلك الشخص هو عبد الناصر وقد أجمعت الأمة العربية ذات يوم على محبته والولاء له ، على أن ولاءها كان لمصر وليس له ،  وهذا هو المنطق عندما نتكلم بروح قومية وأخلاقية وثقافية ،  أما أن أربط ذلك الأمر بأشخاص لا إجماع على احترامهم  فهذا هو الكلام المرفوض ، نعم مصر هي الشقيقة الكبرى  وهي السند والرصيد لأمتنا ، ولا جدال وهي التي تشرفنا  بتاريخها وثقافتها وأزهرها وعلمائها ومثقفيها ، وأخيرا بدماء شهدائها يوم العبور ،  فهذا أيضا لا جدال فيه ولا حوار حوله ،  ولكن أن نربط ذلك بأشخاص فهذا هو المرفوض شرعا وخلقا ومنطقيا  ولنبدأ بالتاريخ الحديث ولنترك عرابي وسعد زغلول ومحمد علي ،  فلهؤلاء ما لهم وما عليهم  ، ولكننا عندما نتحدث عن شعب مصر ومعاناته  مع الدخلاء والعملاء  ، فإننا نرى أن هذا الشعب كان عظيما  بلا نقاش ،  فقد تصدى للفرنسيين  في كل من المنصورة والإسكندرية وألحق بهم الهزيمة  وتصدى فيما بعد للملك فاروق وألحق به الهزيمة ،  لأنه  كان على جانب كبير من الرعونة  ولا نقول الخيانة  وتعامل مع القضية الفلسطينية وفقا لرغبات صانعيها فذهب وذهبت معه رعونته وطيشه ،  وجاءت الثورة وكان رائدها عبد الناصر فرفع شعارات قومية استقطبت الجماهير العربية التي وقفت معه وإلى جانبه ، وبصرف النظر عن أخطائه ، إلا أنه  استقطب  سواد الأمة لأنه كان يمثل الحد الأعلى لتطلعاتها القومية والتحررية ، فشرف مصر لأنه رفع شعاراتها  بالرغم من تحفظنا على رأي المخالفين له  ، وكانوا أقلية تقودهم حثالة في الداخل  وجرابيع الخليج من آل سعود في الخارج ، إلا أننا ننحني أمام شخصيته المصرية لأنها تواءمت مع الشخصية العربية  ، وللرجل أخطاءه ولا شك ، ويومذاك كان لمصر قرارها بدليل الحروب التي شنت عليه  عام 1956 من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ،  ثم كانت حرب ال67 وكان فيها ماكان وكان من نتائجها بعد الهزيمة لاءات الخرطوم  وإملاءات العملاء الخليجيين في أن يكون جنوب لبنان هو الوطن البديل للفلسطينيين ، وأعقب ذلك كله المؤامرة السعودية التي استهدفته  شخصيا وكان اغتياله ... وبقي عبد الناصر رمزا لا لما حققه بل بما  كان على أيدي من جاء بعده من الخونة  في مسلسل لم ينته بعد حيث أن القاعدة تقول : " وبضدها تتميز الأشياء " فالسادات تاجر بدم المصريين وباعه خيانة..... فبعد أن حقق الجيش المصري  انتصارا ساحقا على إسرائيل  مما كان يقتضي  أن يأتي المنهزم إلى القاهرة طائعا ذليلا خاضعا وفقا لكل القواعد الحربية والعسكرية ، كان العكس فذهب الخائن إلى تل أبيب ومسخ النصر وجنت إسرائيل نتائجه ، ودفعت مصر الثمن غاليا ، وكأن السادات يريد القول بأنه لم يكن هناك انتصار وصور الإنتصار على أنه سيناريو وتمثيلية ،  إذ كان يمكن أن تعقد اتفاقية صلح مع إسرائيل وتكون متكافئة متوازنة أي أنها على الأقل تكون بمستوى ما وصف بأنه انتصار للجيش المصري الباسل فلا تضيع دماء الشهداء سدى ، و بعد أن تأخذ مصر على الأقل ما  يعادل تلك الدماء المصرية الزكية التي نزفت في حرب العبور ، ولكن هذا لم يكن فبيعت سينا  بثمن بخس ،  ولم نعط القضية الفلسطينية أي ميزة ، ولو اعترافا  من العالم الغربي الذي كان دائما يحثنا على الإعتراف  بإسرائيل دون ثمن ،  بحق العودة للشعب الفلسطيني ،  وكان أن خضعت مصر لإملاءات إسرائيل فضاع الإنتصار بل مسخ برعونة وخيانة أنور السادات ، ويومها رفع الخائن شعارات أن مصر أم الدنيا  وأن عمر حضارتها أربعة آلاف سنة  وأن الفراعنة صناع الحضارة ، ونسي الخائن أن حضارة مصر إنما هي حضارة العرب  وعزة مصر إنما هي من عزة العرب والمسلمين  وتاريخ مصر بفرعونيتها وعروبتها إنما هو تاريخنا ، وكان أن مسخ التاريخ  ليخرج الإنعزاليون والعملاء في مصر وهم يرفعون شعارات السادات التي أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها  كلمةحق يراد بها الباطل .. ثم قتل السادات في إطار سيناريو بهلواني شارك في صنعه خليفته حسني مبارك وكأنما أريد مسح الخيانة الصاخبة بخيانة ناعمة ،  الخيانة هي خيانة  ثم ثار الشعب على  من اتضح على الأقل فضلا عن سيره في ركب السادات الخياني  بأنه سرق هو وأسرته من أموال الشعب المصري الفقير ما قيمته  مابين سبعين إلى ثمانين مليار دولار  وما زالت المحاكمات الصورية لم تتمكن أو لم يتح لها المجال من إصدار أحكام إدانة صريحة  ، وليكن بعد ذلك العفو لأن الرجل  شارف على التسعين  ثم جاء المرسي لا أرسى له الله سفينة على شاطئ سلامة  ، وفرحنا وهللنا له فإذا به سعودي الهوى  صهيوني الولاء ولم تكن رسالته لشمعون بيرس المطمئنة من وحي الخيال أو اتهاما بل كانت واقعا  مؤكدا  ، ومع هذا فإننا طالبنا بالعفو ولكن السيسي  كان له شأن آخر فهو يريد أيضا أن تكون محاكمات المرسي فرصة للتوظيف السياسي وجاءت حرب اليمن  لتدخلها مصر إلى جانب آل مردخاي وللمرة الثانية ولكن هذه المرة إلى جانب آل سعود المتصهينين  ، ومقابل ثمن بخس يتراوح بين أربعة وستة مليارات من الدولارات،   كثمن لسفك دماء أهلنا في اليمن والسيسي لم يقطع علاقاته مع إسرائيل وفقا لرغبة وتمنيات الشعب المصري الذي ما فتئ يطالب بهذا منذ أن فعل السادات فعلته وزار تل أبيب ، وهو الشيئ الذي لم يفعله الكذاب مرسي فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ ثم إن السيسي لم يجرؤ على إعادة العلاقات مع  إيران بانتظار الأوامر الأمريكية وبانتظار توقيع الإتفاق  النووي بين إيران والغرب ذلك الذي مالم يكن على مقاس أمريكا  فإن أمريكا لن توقعه  ، وستراوغ ومعنى هذا أن مصر لن توقع على إعادة العلاقات مع  إيران قبل  توقيع الإتفاق الغربي الإيراني ، بمعنى أن مصر تدخل في قائمة الضغوط على إيران وتوظف في إطار هذه الغاية ،  وكذلك فهو لم يعد العلاقات مع سوريا التي اجتاحتها جحافل الغرب وعملاء الغرب والسعودية وجرابيع الخليج والداعشية والقاعدة جميعا ،  إذن فماذا عسانا نقول عن مصر فهل مصر سيدة قرارها حتى نقول بأنها أم الدنيا وسيدة العرب والعالم ؟ نعم نحن نقول هذا إذا ما قصدنا مصر التاريخ والحضارة والدم والثقافة والشعب   فهي على هذا سيدتنا وأمنا ، ولكن إذا ربطناها بالأشخاص حتى وإن كان عبد الناصر من هؤلاء ، فإننا نرتكب شططا ونركب محالا  فعظمة مصر بشعبها وتاريخها وأبطالها الذين استشهدوا  على ضفتي السويس ، والذي يباهي بغير ذلك يكون شأننا معه شأن المرأة التي تباهي بشعر ابنة أختها ،  ولا مجال للأدعياء والكذابين فمصر أولا وأخيرا  لأهلها وشعبها وأمتها وتاريخها ، ونحن مع هذه المكونات مجتمعة والذي يريد المباهاة عليه ألا يبتعد عن هذه القواعد وتلك المفاهيم  ..وعلينا أخيرا أن نصل إلى خلاصة  وهي أن الدولة حتى تكون سيدة  لا بد وأن تكون سيدة نفسها وسيدة قرارها  مهما كلفها ذلك من التضحيات ولكن عندما تكون دولة كمصر  بتاريخها وسكانها وثقافتها  خاضعة لإملاءات دولة كقطر أو السعودية فضلا عن أمريكا وإسرائيل  فهي ليست سيدة إذن نحن لا نقول بهذا ولكننا نسعى لأن تكون مصر سيدة قرارها أولا وأخيرا وعندها تكون أم الدنيا بحق وسيدة العرب بحق وألف حق وهي جديرة بتلك السيادة ونحن نشتهي ونتمنى أن تكون مصر رائدتنا وسيدتنا وهي لابد وأن تكون كذلك ومن حقنا مطالبتها بأن تكون سيدة قراراتها ..

‏20‏/06‏/2015

 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق