آل سعود
يلبسون أمنهم بالخوف!!
منذ مايقرب من
أربعين سنة كنت في إذاعة الكويت وكنت مع
المرحوم الشيخ علي الجسار وهو من المقربين من الأسرة الحاكمة في الكويت ...وكنت
وإياه في صدد تسجيل حديث للإذاعة الكويتية
فالتقينا وجلسنا في مكتب الأستاذ عبدالله خلف .. مسؤول القسم وأخذنا نتبادل أطراف
الحديث ..والحق أنني كنت حتى ذلك الوقت أظن أنني لا يمكن أن ألتقي مع الشيخ في فكر
أو رأي..في جانب وأنا في جانب مقابل آخر .. فهو مقرب من القصر وأنا مقصر عن الوصول
إلى ما وصل إليه أو أنني لا أسعى إليه بالرغم من أنني أحترم أمراء الكويت لما حققوه لبلدهم من الرخاء
والديمقراطية البرلمانية تلك التي كانت وما زالت تزعج آل سعود .. ولكننا في ذلك
اليوم وكنا قبل ذلك التقينا أيضا في
الإذاعة ببعض الشباب والطلاب الحجازيين
وربما النجديين ، أعني من جزيرة العرب
التي أصبحت تعرف بمملكة آل سعود والحق أن هؤلاء الشباب وعلى ما أذكر كانوا يتمتعون بقدر كبير من الوعي والثقافة بشكل يبشر بخير كثير ..وكانوا
يدرسون في أمريكا أو متخرجين من جامعاتها ، ومن حديث إلى حديث وكأنني استغربت ما رأيته بهؤلاء من وعي ونضج وتنبه الشيخ لما
أنا فيه وأدرك بحسن حدسه وذكائه سبب استغرابي فطمأنني وقال بالحرف الواحد إن آل
سعود يلبسون أمنهم بالخوف ، والعبارة واضحة الدلالة بمعنى أنهم بتخويف الناس
يحققون أمنهم وكأن الشيخ رحمه الله كمن أراد أن يوحي إلي بأن الشباب في جزيرة
العرب على جانب مطمئن من الوعي السياسي ، والحق أن هذه الحكاية جعلتني أذهب
بعيدا وأتوقع أن حدثا كبيرا قد يقع في تلك
البلاد ولم نكن في حينه بعيدين عن حادثة جهيمان العتيبي التي قمعتها السلطات بقوات صهيونية ثم زعمت بأنها فرنسية ....وفي
أيامنا هذه التي نسميها بحق زمن العدوان
الغاشم والغبي على اليمن ، ومجريات الحدث
اليمني وبشهادة بن عمر ممثل هيئة الأمم
المتحدة في اليمن والذي كان يتابع
الحوارات اليمنية بين مختلف
الأطياف حيث قال بالحرف الواحد إن الوصول
إلى تفاهم كان قاب قوسين أو أدنى ، غير أن آل سعود هم من قلبوا الطاولة رأسا على
عقب ، ولم تعد اليمن إلى المربع الأول بل
صنع لها السعوديون جحيما من الحمم والدمار جعلها تسبح في بحر من الدم ، وهنا
نتساءل وبدون تشنج ونحن نرفضهم جملة
وتفصيلا ،هذا صحيح ولكننا لابد هنا وأن نكون منصفين وهادئين بحيث نحلل بطريقة
موضوعية ومجردة ونضع النقاط على الحروف ،
ولو كانوا عقلاء لما غرقوا فيما أغرقوا أنفسهم فيه ، ولو كانوا عقلاء وصنعوا خيرا
لبلادهم والمفترض أنهم جيرانهم وإخوانهم لما كنا رأينا ما يمنعنا من مباركة حكمتهم لو توفرت ، ونرى أن آل سعود ارتكبوا حماقة عظمى لا يمكن
أن توحي بشيئ آخر غير الغباء المركب
والجهل المفرط والحمق البالغ ، فالعاقل
يرى كما رأى الإيرانيون أن الحوار وإن طال
، هو الطريق الوحيد لتسجيل مكاسب لا يمكن
أن تتحقق عن طريق القتال ، وذلك بسبب واحد
وبسيط وهو أن اليمنيين والحجازيين
والنجديين هم جيران أولا وشعب واحد ثانيا شاء الوهابية أم أبوا والجميع
مسلمون ... وهذا يعني أن الحرب تضرب بكل القيم الإنسانية والأخلاقية بعرض الحائط
وستكون الغلبة في آخر المطاف للفريق المظلوم أي المعتدى عليه ، ولا أحد يشك في أن اليمن معتدى عليها وهي
بالتالي مظلومة والشعب اليمني موحد
المشاعر ويقف وقفة رجل واحد خلف قيادته ، وهذا ما لايوجد لدى آل سعود المكروهين
جدا ليس من شعبهم بل ومن شعوب المنطقة ، وشهادة
علي الجسار كافية لبيان ذلك والشعب اليمني شعب مقاتل ومجرب ثم إنه محنك ومثقف ..
وله تاريخ في ذلك أما أشقاؤنا في نجد فهم
فضلا عن كونهم ليسوا أهل قتال ، فهم في حكم المخترق لأنهم من الطبيعي أنهم
يكرهون النظام وبالتالي لا يمكن أن يقفوا خلفه
إذن فالحرب خطيئة تاريخية كبيرة وقاتلة
والسؤال هنا يطرح حول الأسباب التي
دعت أمريكا تشجع سلمان لشن الهجوم وتجنيد مجموعة من عملائها للإصطفاف خلف السعودية وهي تعلم أن الهزيمة لابد
وأن تكون واقعة ولا حقة بآل سعود الذين يحاربون بمالهم وبالمرتزقة الذين يجندونهم مقابل المال ... أما
اليمنيون فإنهم يقاتلون وهم جائعون بشجاعة
دفاعا عن بلدهم وعن قيادتهم..وهذا ليس بحاجة لبحث أو استقصاء أو خبراء ليقرروا ما
ذهبنا إليه لشدة وضوحه .
إذن نعود
لنتساءل ماالذي جعل أمريكا تزين وبهذه الطريقة القذرة الحرب لآل سعود ؟ ونعود
قليلا إلى الوراء لنرى أنها زينت لصدام
الهجوم على إيران أولا وجندت
معه مشيخات الخليج بالمال والدعم اللوجستي ، وكان الهدف ضرب عصفورين بحجر واحد وضرب عملاقين
واحد يستعد ليلعب دوره والآخر جاهز أي العراق وإيران ، إذن كان الهدف إضعاف الفريقين وإنهاكهما ..توقفت الحرب ولم يسقط صدام ولم
تنهزم إيران ولكن أمريكا ما زالت مصممة فخلقت حكاية الكويت وزينت
للمعتوه صدام غزو الكويت ثم انقضت عليه انقضاض الصاعقة وكانت السعودية
ومشيخات الخليج وبعض الجرابيع العرب درعا
لأمريكا هذه المرة وهم لم يغيروا البندقية أصلا لأنهم مهيأون ومجندون في كل حين تحت البنديرة الأمريكية وتم القضاء
عل صدام .. ترى هل تعاود أمريكا الكرة وهدفها الخلاص من نظام أسرة آل سعود ؟ لماذا
لايعيد التاريخ نفسه ؟ فالسعودية التي شوشت على أمريكا في قضية المفاوضات مع إيران حول المفاعل النووي
وشكلت إزعاجا توهما منها بأنها شريكة لأمريكا
وبأنه ينبغي أن يكون لها رأي في القضايا السياسية الكبرى ، وهذا هو الوهم
بعينه والغرور المموه بالمال والخروج على النص
لأن الوظيفة الحقيقية للسعوديين هي الدفع والتمويل والخوض في الفتنة التي تطلبها أمريكا .لأهداف تفتيتية .وهنا يتضح أن الأمر أبعد من كونه وقوفا أمريكيا مع
السعودية وقد وقع الأغبياء في الفخ وسقطوا عند أول إمتحان وهم الخاسرون بالتأكيد وإن الدخول في حرب اليمن ليس كالخروج منها ولن تستطيع السعودية الخروج من
هذه الحرب الأمريكية إلا إلى نهايتها ولننتظر
وإن غدا لناظره قريب.
بقي أن
نقول شيئا وإن كان مستهجنا أو مستغربا ولكن لا بد من قوله وهو لو أن السعودية تحكم
وفق قوانين ديمقراطية كانت حاكمت الملك وحملته مسؤولية انهيار البلد
وأنزلت به العقاب الذي يستحق في مثل هذه الحالة .. وسوف نتابع الحديث في
حلقات عن آل مردخاي بن مقرن ..