لماذا لا نكون
صرحاء ولماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها ?
عندما يتحول
الوطن إلى مزبلة
عندما نتحدث
عن لبنان تحضرنا أغاني فيروز ونصري شمس الدين ووديع الصافي دفعة واحدة فإذا بلبنان
"قطعة سما"وإذا بلبنان قطعة من
جنات عدن ( قبل العدوان السعودي) وإذا بلبنان وطن الأرز المسحور منذ أن وطئته
أقدام قلقامش وأنكيدو وإذا بلبنان واحة
العدالة والديمقراطية وإذا بلبنان مخترع الأبجدية ومصدرها عبر الفينيقيين إلى كل العالم أو هكذا زعموا ادعاء وغرورا ..
فنطير فرحا ونرقص مع فرقة كراكلا وندبك مع فرقة الفولكلور اللبناني التي تعودت أن
تحيي مهرجانات الدبكة في بيت الدين في قصر
الأمير المعتوه بشير الشهابي الذي نصبوه بطلا ولكن لا نعرف أين كانت بطولاته فكان وهما وخيالا وزورا وادعاء؟ أو في بعلبك
ديار الشمس وفي ضلال أعمدة قلعتها الشامخة على وقع
أنغام أهازيج عاصي الحلاني وفرقته ، فنذوب طربا ويستخفنا الطرب كما يستخف
الحليم ونغرق في ما يشبه الغيبوبة ثم نصحو
فإذا بنا على ركام من نفايات البادية
الخليجية أي على مزبلة من القاذورات ..إنها المفاجأة أليس كذلك ولكن الأمر حقيقة لا مراء فيها
ولا شك يدور حولها ففي المشهد الأول كنا سكارى ذلك أننا ثملنا لفرط ما شربناه من خمور زحلة
المعتقة ، فأودى بنا السكر إلى أحلام سندسية وقادنا إلى أوهام مخملية ..ولكن لماذا
يكون في الأمر مفاجأة أليست هي الوقائع التي أشعرتنا بذلك ثم أليست النشوة هي التي أوهمتنا بما هو مخالف
للواقع ؟ وبعد ذلك ماالذي يزعجنا في قولنا بأن لبنان مزبلة؟ أليس الزبل سمادا
للبساتين ؟ ثم أليست المزبلة منبتا للمتناقضات
فعليها تنبت الورود بأشواكها ويتعفن
بعضها فيرسل روائحه النتنة ؟ وإن كان
الناس قد انتفضوا على مكب الناعمة ، وبعد ذلك فما الذي يزعجنا ويغضبنا ؟ إذا نظرنا
إلى لبنان نظرة واقعية نرى أن تاريخه أسود وحروبه الداخلية القذرة أكثر من أن تعد وتحصى ، وما خلفته من ويلات وكوارث وكروب وإحن ومحن ، يتمرد على الوصف ويعصى على الإحصاء ..وفي لبنان نجد الشعراء والحسناوات
والجبال المكللة بالثلوج والبحر
والأنهار والينابيع والشلالات ، ولكننا نجد أن سواحل البحر مسروقة وقد حرمنا من
التمرغ على رمالها لنطفئ حر الصيف ، ثم نجد بعد ذلك مياه أنهاره وجداوله وينابيعه تذهب في البحر هدرا وبعضها تغنمه
إسرائيل ( قبل السلاح المردخائي)..ونرى في لبنان كبار الأغنياء وكلهم ممن تدور الشبهات حول أموالهم فإذا بها
مسروقة من الهدر وغير الهدر، وإذا بالغاز
يترك غنيمة باردة لإسرائيل ، خشية أن يستغني منها أولئك الذين اغتنوا من أموال آل
مردخاي ، فيخف جيش العبيد من المبايعين لآل سعود ويرتفع سعر الرق ، فتتمرغ إسرائيل
بنعمة الغاز ، ونبقى كما هو حالنا بحيث
يستمر الكثيرون منا في الوقوف كالشحاذين على أبواب الخليجيين ، وننظر إلى الطبقات
الفقيرة فإذا بها تتسع وتتسع حتى تصبح محرومة
من لقمة الخبز والأدهى والأنكى أننا نجد
الغالبية من هؤلاء تبايع السراقين
على الموت فما شاء الله ..وبعد وقبل هذا وذاك نرى حيتان الطوائف وبقايا
ال" بَوْكنة" مازالوا يورثون
ويرثون السلطنة ونحن على ضلالهم سائرون ..ثم ننظر يمينا وشمالا فنجد الأقزام وقد
أصبحت عمالقة والأميين أصبحوا فلاسفة أو متشبهين بالفلاسفة ...وإذا بالساقطات
الماجنات يصبحن سيدات مجتمع ولولا أن الحجاب يقطع أرزاقهن ويحول دون رواج بضاعتهن لتحجبن
وزرن مكة معتمرات حاجات .....وإذا في مقابلتهن رهط من الشيوخ المزيفين ممن يتسمون
بالعلماء وينتحلون صفة رجال الدين وعلمائه وما هم إلا مجموعة من القتلة والسفاحين والضالين المضللين والسفهاء
والمارقين ..وإذا بالأحداث تتتابع والعدو
يدخل ويقيم ويتحصن باللحديين وغير
اللحديين ويبرع في تجنيد الخلايا النائمة
قوامها العديد من أدعياء التقدمية والديمقراطية المزيفة وكبار الحيتان والثعابين
... ومن ثم نراهم يفتكون بالأبرياء ويهدمون ويدمرون ويقتلون ويستهدفون في إجرامهم
تلك الفئة التي رفضت الإحتلال ووقفت إلى جانب الفلسطينيين وما زالت تقدم الشهداء
من أجل القضية وإذا بمخيمات البارد والساخن في طرابلس والحلوة تعج بحلفاء إسرائيل والتكفيريين وأنصار العميلين
عباس وياسر... ولبنان بعد ذلك يحتضن كل هذه المتناقضات فالويل لنا والويل لعقبنا
وأجيالنا القادمة ... هذا البلد إسمه لبنان وهو الذي أطلقت عليه إسم مزبلة لأنه
مزبلة حقيقية ومنه ظهرت المقاومة فكانت وردا وشوكا وظهرت جماعة السلفية والتكفيرية وتلك التي تدعي
" المستقبلية " فكانت عفنا
وقيئا وسعالا وإلا فكيف نفسرأن فريقا قدم الشهداء من أجل كل الناس من أجل العزة
والكرامة ونجد خصومه والمدافعين عن
إسرائيل والمحميين من إسرائيل يعارضونهم
بكل ما يمتلكون من القوة ويتآمرون عليهم في السر والعلن جهرا وخفاء ، وهم لا يخجلون بالتمترس وراء جدران المذهبية ولا يخجلون
بتحالفاتهم الصريحة مع العدو الصهيوني ... نعم لبنان مزبلة وفي المزبلة ورد وشوك
وعفن وروائح نتنة والأمور واضحة وعلينا أن
نميز بين هذا وذاك .....قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون أو هل يستوي
الأعمى والبصير ؟ ولكن هل لبنان وحده مزبلة ؟ كلنا نعرف الجواب وكلنا نؤمن بأن الفرق بين هذا وذاك بين الحق والباطل يكاد لايكون
مستورا ومخفيا إلا على من في نفوسهم مرض وفي عقولهم زيغ وجهالة ...
03-05-2015