إنها
جريمة حقا ولكن من المسؤول ؟
إنها جريمة بكل المقاييس ، ولنا أن نستنكرها
بشدة ، وندينها بكل ما تعنيه الإدانة ، غير أن لنا وقفة لابد منها تقتضينا إجراء مراجعة شاملة لخلفيات وتداعيات هذا الحدث وأسبابه البعيدة والقريبة ، وربما كان هنا
القاتل والمقتول في نفس المستوى ، دون الأبرياء
منهم الذين يتحمل وزر دمهم أولئك الذين
يؤججون نار الفتنة كلما سنحت لهم الفرصة ، وهو بالتالي في رقبة
من عمل على الفتنة أو التزم الصمت تجاهها ، وهنا يستوي حكام فرنسا مع حكامنا العرب ، أو لنقل بصريح العبارة وكلاء حكامنا لأنهم لا
لون لهم ولا قيمة وما هم إلا مجرد دمى في يد من يحركهم شمالا أو يمينا ، إذ كان بوسعهم مع معالجة الأمر قبل وقوعه وتحاشي
الوقوع بمثله لو أنهم يتمتعون بشيئ من الحزم في الدفاع عن رموز الأمة المقدسة ، كما
كان بوسع الحكومة الفرنسية اتخاذ الإجراءات
اللازمة ومعاقبة المسؤولين عن المجلة ، فعندما قامت هذه المجلة الساخرة بنشر
رسومات مسيئة لسيد مليار ونصف مليار من
المسلمين كان على الحكومة الفرنسية التي
تدعي احترامها للأديان واحترامها لحرية الرأي والمعتقد كان عليها أن تنزل العقوبات بحق من اخترق
القوانين العلمانية الفرنسية أولا وأساء لأصدقاء فرنسا ثانيا ، ومن المفترض أنه
عرض تلك العلاقات إلى خطر زعزعتها وإلحاق الضرر بالإقتصاد الفرنسي وبعلاقات فرنسا مع
تلك الدول المعنية ، لو صنعت فرنسا هذا
لما كان لردة الفعل الأخيرة أي مبرر ، هذا من جهة ولكان على فرنسا من جهة أخرى أن تفكر
بحسابات أخرى تفترض معها أن حكام المسلمين والعرب
قد يغضبون لمحمد وربما يقطعون
علاقاتهم بفرنسا ، وذلك كان مطلوبا ، ولكن
فرنسا إدراكا منها لواقع أن الحكام الدمى
لا يفكرون إلا بإرضاء سادتهم دون حكامهم ( ضربت النح ) على ذلك لقناعتها بأن الجبناء والعملاء لا يمكن أن يفكروا بدين أو
شعب إلا بطرق إستعراضية ولنا من الأمثلة على ذلك الكثير والكثير ، وبعيدا عن هذا
وذاك فإننا نرى أنه لوكان مثلا حكام السعودية
والجزائر ومصر والمغرب ممن يهمهم شرف أمتهم وكرامة نبيهم كما يزعمون لكانوا
أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على مجلة تافهة
لا قيمة لها ولا علاقة لها بالنظام
ولقاموا باستدعاء سفراء فرنسا لديهم وكانوا أجبروا فرنسا على اتخاذ إجراءات
قاسية بحق المسؤولين عن هذه المجلة وقطعوا الطريق في وجه كل ردات الفعل الحمقاء كتلك التي حصلت والتي يحتمل أنها فردية وليس لها علاقة بتلك التنظيمات المطروحة
على الساحتين العراقية والسورية لأن فرنسا وأمريكا وتركيا من الدول الراعية
لها اللهم إلا إذا كان هناك حركة إنفصالية في بعض التنظيمات نفذت العملية
بدون استشارة أحد وهنا نقف وجها لوجه أمام
حالة أخطر مما نتصور لأنها بعمليتها تلك
قد خلطت بعض الأوراق وغيرت إتجاه البوصلة الإرهابية إلى جهة قد نختلف حول نتائجها وتداعياتها وبهذا نرى أن الحكومة الفرنسية والحكام العرب
هم المسؤولون المباشرون عن تلك العملية الإرهابية التي ندينها بكل تأكيد لأن بين الضحايا عدد لا بأس به من الأبرياء الذين لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بحادث الإساءة للرسول الأكرم الذي تكررت الإساءة إليه في بلدان عدة
كلها صاحبة مصالح هامة واستراتيجية مع
بلداننا العربية والإسلامية ، وهذه البلدان لو كانت تظن أن حكامنا ممن يحترمون شعوبهم ومشاعر شعوبهم
لكانوا تحركوا حركة ربما كانت كفيلة بمعالجة
هذه الأمور بالطرق الدبلوماسية ولما كان هذا
لم يحدث فإننا نتوقع أحداث مماثلة ، يكون فيها
الإرهابيون على جانب من الصواب أو على شيئ
منه ولو بالنسبة لأولئك البسطاء الذي لايملكون من الثقافة ما يعصمهم عن التهور ، لأن
أعمالهم تكون ردات فعل وربما مبررة ، ولولا
الفعل ما كان هناك ردات له في مثل هذا المستوى من الخطورة والإجرام ، إذن على
فرنسا أن تحترم مشاعر شعوب هي بحاجة لها وربما ننتظر ردات فعل أخرى قد تستهدف المصالح الفرنسية في بلدان إسلامية
ولماذا لا ؟ وعندئذ لن يكون أمام هولاند إلا الإستقالة والرحيل المبكر ، لأن الشعب
الفرنسي لا يدار من حكومة عربية ولديه قوانين
تحاسب الكبير قبل الصغير ولديه محاكم وقضاة
قادرون على فعل ما لا يفعله قضاة بمستوى دولنا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
.