لماذا ننكس الأعلام ونشارك في العزاء لمن لم يشاركونا في ذلك ؟
عندما تأسس لبنان في نهاية الأربعينات عملت فرنسا على أن يكون لبنان مزرعة
ما رونية وانطلقت من هذا المفهوم الطائقي
ومع الأيام بقي لبنان مزرعة ليس للموارنة
فحسب بل لكل وافد ..في حين تطور الموارنة
ثقافيا ووطنيا وخرج منهم من يرفض ذلك فكان عون وفرنجية والعشرات بل المئات والألوف ممن يرفضون المشيئة
الفرنسية ... وكنا نتمنى أن يبقى لبنان كما أرادته فرنسا من حيث الشكل لأننا يمكن أن نكون في ظل هذه
الكفاءات العالية والهمم المتألقة والوطنية يمكن أن نبقى في مأمن من كل التقلبات ويمكن أن نطور البلد لما هو أفضل .. وبعد انحسار
الموجة المارونية أصبح لبنان مجموعة مزارع
ومملكة إتحادية يمكن أن يكون حكمها
موزعا بين أباطرة خمسة وثمانية عشر أميرا هو تعداد الطوائف التي قل أن تجد من زعمائها من يلتزم بدين أو
مذهب إلا علن ذلك غطاء ! ولكنهم في مجموعهم سياسيون ودعونا من المقاومة التي هي في
الأصل جنوبية .. أقول هذا لأنني لم أجد تفسيرا لتطوع الرئيس تمام سلام والإعلان عن تنكيس الأعلام حدادا على عبدالله
آل سعود علما أن آل سعود لم يشاركونا العزاء فيمن سقط لنا من الشهداء في الجولان
وغير الجولان فضلا عن أن السعودية تكن
العداء المطلق لأحد أكبر مكونات هذا البلد الذي أصبح بالفعل عبارة عن مجموعة من
المزارع أو الممالك وإن قانون أو عرف أو ميثاق أو سمه ماشئت
والذي توافقنا عليه ، يقتضي
أن يكون أي عدوان على أحد مكوناته أو
عدم اعتراف به هو عدوان عليه بأجمعه وعدم اعتراف
به في جملنه ، وبالأمس اعترف الأمير تركي بن بندر بأن مملكة آبائه وجده قد رصدت
ميزانية تقدر بميزانية ثلاث دول مجتمعة هي
تونس والأردن واليمن من أجل محاربة الشيعة
وتشويه سمعتهم في العالمين العربي والإسلامي ! ومن ثم فإن المذهب الوهابي الذي
يعتبر المذهب الرسمي لهذه المملكة قد أباح دماء الشيعة وأموالهم وعنه ظهرت الداعشية والقاعدة والنصرة وجماعة الأوباش
التي تقاتل في سوريا وهي التي اعتدت على المسيحيين تحديدا والعلويين خاصة ومن ثم
الأكراد وهي التي لم توفر أحدا من الناس قتلا واعتقالا وارتهانا وكل هؤلاء
يشكلون أطيافا هامة من مكونات هذا البلد ،
إذن من حقنا أن نحتج على مبدأ المشاركة في
العزاء فضلا عن تنكيس الأعلام التي لم تنكس
في حرب ال 2006 ولا يوم استشهاد
الستة من أبطالنا في الجولان على أيدي الصهاينة " المساكين " كما جاء ذات يوم في رسالة عبد العزيز آل سعود للصهاينة فبأي آلا ء ربكما تكذبان ؟ ولو قلنا بأن
المملكة قدمت - كما يقال ويظن - هبة قيمتها ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش
اللبناني وعلى المقاس الفرنسي الصهيوني ، فإن
كل الدلائل والأخبار تشير وبحزم على أن تلك " الهبة ، وبعد مرور ثلاث سنوات عن
الإعلان عنها - لم تنفذ بعد ولم تر النور ،
ومرة أخرى نقول : فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ وكفانا ارتماء في أحضان من لا يحترم الأطياف
كل الأطياف والمكونات وكل المكونات لهذا الشعب
" المسكين " حقا ، مهما كانوا وكيفما كانت اتجاهاتهم وانتماءاتهم لأن الذي لا يحترم الدروز والعلويين والأرثوذكس والشيعة
والموارنة والأكراد ...فإنه بالتالي لا يحترم السنة ولا أحدا من مكونات بلدنا ..نعم نحن نعترض على مبدأ
إعلان الحداد وتنكيس الأعلام من أجل وفاة ملك
دولة لا تحترم مكونات بلدنا دون أن يكون في كلامنا نوع من الشماتة فالإسلام علمنا أن نذكر أمواتنا بالخير ورحم الله الملك عبدالله
الذي نحترمه وقد
حاربته أمريكا في وقت من الأوقات وحاولت تنحيته
وتهميشه إلى أن تم تدجينه مؤخرا ..
28-01-2015