حولا الجميلة
منذ أيام وبعيد إبلاغي من المطبعة بأن كتابي ( الجديد في
علم العروض والقوافي ) قد تم تجليده شعرت
بكثير من السعادة والإرتياح ...وليس هذا
الكتاب هو الأول لدي بل هو السابع وإلى
جانبه حاليا مجموعتان شعريتان الأولى
غزلية عنوانها : إني اختزلت بك النسا ، والثانية شعر فلسفي عنوانها : لا تبك دهرك ،
ولكن (الجديد في العروض والقوافي )هو الأهم بنظري ونظر الآخرين ممن اطلعوا على بعض
جزئياته ، وقد لقي رواجا في معرض الكتاب
الدولي في الجزائر ، ذلك أنه يتضمن القواعد والنصوص وحوارات ودراسة حول الشعر الحديث
وملحق شعري عن فلسفة ووظيفة الشعر من نظمي ، كل ذلك في ما يزيد عن 432صفحة
من الحجم الكبير ،وقد تخليت فيه عن كثير من الشواهد القديمة واستبدلتها بشواهد من
شعري ، والمهم هنا هو أنني بعد إنجاز
طبعه نمت نوما عميقا هادئا بعد عناء طويل دام أياما وأنا أراجع وأصحح وأعيد
إلى المطبعة .... في تلك الليلة حلمت وكأنني أطل على حولا من مكان بعيد هو العبَّاد أو ما دون العباد أو
الرويسة ، وكانت حولا قبالتي تغرق في هالة من الجمال الأخاذ ، وإذا بها ترتدي
حلة قشيبة وكأن الربيع يداعبها بأنامله الرقيقة ، وتغطيها
سحائب من الضباب الصباحي الشفافة ،
وهي من أجمل ما رأيت ،خضراء ناصعة تنطق بالجمال وهي مستلقية على رابيتها وتمتد شمالا وجنوبا وغربا وشرقا وكأنها تحتضن كل
الروابي والمنبسطات التي حولها احتضان
الحادب المشفق ، وترعى النجوم وتخاطب الكون .... شعرت بسعادة غامرة لا تعادلها سعادة وأنا والحق يقال بأنني بت لا
أتذكر الأحلام التي أراها في نومي... ولكن هذا الحلم الذي هو عبارة عن لوحة شاعرية
ما رسمها فنان حاذق ، وما امتدت إليها
ريشة رسام ماهر ، بل هي لوحة ربانية
رائعة يمكن للشاعر أن يستوحي منها
ما تسعفه عليه عبقريته وموهبته ، وهي تستحق ذلك فعلا ، كل ذلك جعلني أتذكر هذا
الحلم بكل أبعاده المادية والمعنوية ، لأنها باختصار شديد مسقط رأسي ، وهي بعد ذلك
جديرة بكل حب وتقدير ، ولكننا جميعا مهما
بالغنا في إبداء عواطفنا نحوها نبقى دون
مستوى ما تستحقه تلك البلدة الحالمة
الرائعة ، التي ما زلنا نجهل أو نتجاهل
قيمتها ومكانتها .. صحوت وأنا حائر في تفسير ذلك الحلم ولكنني لم أتمكن من تجاهله
أو نسيانه وتناسيه ورويت المنام لبعض
الأصدقاء بطريقة عفوية ، ثم استأذنني هذا
الصديق بتصوير الغلاف ( سكنار) وإدخاله
إلى الفاس بوك ، وأنا ما زالت خبرتي بذلك محدودة ، فقبلت شاكرا وكان ماكان ، وقد فوجئت بأقل من نصف ساعة من ظهور
الغلاف على صفحتي بتوالي التهاني وفي أقل من ساعتين بلغت
التبريكات المئات وما زالت ... ولم تتسع
لي الدنيا عندئذ من شدة الفرح ، وقد فوجئت
بالأهل والأحبة من حولا وغير حولا وهم
يتتابعون في تشريفي بموجات من التهاني
شعرت معها وكأنني في عرس حقيقي ، والذي لفتني أكثر هو تلك المستويات الثقافية
العالية لدى من واصلوني بعباراتهم ، فعلم
العروض شديد الخصوصية ولا يدرك أهميته في الغالب
إلا ذوو الإختصاص ، ولكنني وقفت
عند أهلي في حولا وأيقنت أنهم قد اخترقوا الحواجز بشفافيتهم وثقافتهم ونبلهم وحبهم
، فإذا بهم يجسدون ذلك الحلم الذي رأيت وإذا بهم يمثلون الجمال الحقيقي لحولا وتاريخ حولا
وثقافة حولا ونضالية حولا..... إنهم أهلي وأحبتي واتضح لي أنهم جميعا يستحقون مني كل ما أكنه لهم
من حب وتقدير ومودة بل هم فوق كل ذلك وكفى ... وأنا لا أميز بين واحد وآخر
منهم فهم جميعا في القلب ولهم مني أزكى
وأطيب تحية وأجمل التمنيات وأعظم تقدير
...
14-11-2014