خاص بحولا وأخواتها
من مذكراتي الحولانية أو من ذكرياتي التي لم تكتب أنه زمن الحكم الماروني أي بالستينات التي هي مابين 1950إلى 1960 كان في مرجعيون التي مازالت حتى الساعة مركز القضاء لأسباب طائفية وحدود هذا القضاء تمتد من بليدا حتى مشارف العرقوب مع وجود بلدات إسلامية أكبر من جديدة مرجعيون بخمس مرات كالخيام وميس والطيبة إلا أن الفرمانات الفرنسية تقتضي بتشجيهع المناطق والقرى المسيحية على ما سواها بالإضافة إلى الأسباب الإنتخابية وفي هذه المرجعيون كان " مأمور نفوس " إسمه غطاس أبو مراد كان يقبع وراء مكتبه بنظارته السميكة البيضاء ويستقبل المواطنين وكأنه أمبراطور بطريقة فيها من الكبرياء والعجرفة ما فيها بشكل لا يضاهيه في ذلك إلا المندوب السامي الفرنسي أو الوالي العثماني ووظيفته عمليا هي أن يحرر تذاكر الهوية للمواطنين وكان على طالب تلك الهوية أن يحضر مايعرف حتى اليوم بالإستدعا أي الطلب وكان طالب الهوية يقصده من أقصى العرقوب إلى تخوم بنت جبيل في زمن كانت فيه المواصلات على جانب كبير من الصعوبة وقد تكون الدابة في كثير من الأحيان ويأتي المواطن ليقف بالطابور على بابه وكان يطول الإنتظار كثيرا لأن " سعادة المأمور " كان يمحص الطلبات بمنتهى " الدقة " وكثير من " الأناة " وعندما يدخل إليه المواطن كان يمسك بهذا " الإستدعا " ويقلبه يمينا وشمالا طولا وعرضا وبشكل عمودي وأفقي إلى أن يصل إلى خطأ إملائي بسيط وتافه مثل وجهه فيعيد إليه هذا الإستدعا قائلا له : بكبرياء وصلف : بدله فهو غير صحيح ! وربما كان المختار في ذلك الحين غير متعلم بشكل كافي وهو من يكتب " الإستدعا " وربما رداءة الخط تصور الكلمة على غير ما ينبغي فيعود المواطن المسكين إلى حولا وهو يجر أذيال الخيبة ليعاود الكرة وعندما يعود بعد يومين أو ثلاثة ربما يقول له " المأمور : هل أنت هو صاحب الإستدعا فيجيبه : نعم سيدي فيقول له : هل معك شهود؟ هنا يرتبك الرجل فإذا صادف وجود الشهود فإن الأمر يستقيم وإلا فلا بد من العودة الثانية وللحق فإن هذا المأمور لم يكن طامعا بالرشوة كما هو الحال مع من أخلفوه وحتى الساعة ......ولكنه كان غاويا بتعذيب "المتاولي " لأنه من المدرسة التي تخرج منها سمير جعجع وذات يوم جاءه المرحوم عبد الحاج علي غنوي من حولا بطلب"تذكرة هوية " والمرحوم كان يقرأ ويتابع جريدة التلغراف بلهفة كلما أتيحت له الفرصة حيث كان يلتف حوله الناس في دكانه الصغير ليتابعوا معه أخبار الرئيس كميل شمعون ليستطلعوا عما إذا كان شمعون قد زار إسرائيل سرا أم لا ؟ وكان ذلك يتردد على مسامع الناس وقد ثبتت صحته فيما بعد ، وبالطبع فإن الجريدة زمن رئيس تحريرها نسيب المتني الذي اغتيل فيما بعد لم تكن لتذكر هذا صراحة ولعل هذا السبب الذي أدى إلى اغتياله مما كدس أسباب ثورة الثمانية وخمسين وكان عبد الحاج علي يترك الزبائن ويقرأ بصوت عالي أخبار البيك أحمد الأسعد والمعارضة اللبنانية والمعنى أنه يقرأ جيدا المهم أنه قدم " لمأمور النفوس " إستدعا " وهو كان قرأه جيدا إلا أنه فوجئ بأن غطاس يعيد له " الإستدعا " مرفوضا لوجود نقطة لا قيمة لها فوق بعض الحروف وقد تكون سقطت من قلم " المختار " عفوا لأن أقلام ذلك الزمان لم تكن بالمستوى المطلوب ، فاعترض المرحوم وقال له : سيدي : ليس هناك خطأ وا" لإستدعا صحيح " فقال له " المأمور : أنظر هذه النقطة فوق ذلك الحرف ألا تنظر وكان يعيد " تظبيط " النظارة السميكة مرة أو مرتين ليؤكد له أن " النقطة موجودة" فانفجر المرحوم قائلا : سيدي ربما كانت هذه النقطة " خرية ذبانة " والذبان عندنا كثير فغضب " المأمور وأخرجه بالقوة وراح المرحوم يقص حكايته في حولا بحيث عوضته عن قراءة جريدة التلغراف وتسامع الناس بهذه الحكاية فإذا بخرية الذبانة يتداولها كل الناس على أنها نكتة الموسم وانتظرنا طويلا حتى كبر هذا الغطاس وأحيل إلى التقاعد فأراح واستراح واستبدل بمن هو " منّا" فتحلحلت الأمور وما زالت "تتحلحل " ولكن ب" ليرة " داخل الإستدعا واليوم ما زال الحال على حاله ولكن " بألف ليرة وأحيانا بخمسة .....وانخلي ياهلالي !حيث تغير الأمر من طائفي حاقد إلى مرتشي جاحد والحبل عالجرار ...
من مذكراتي الحولانية أو من ذكرياتي التي لم تكتب أنه زمن الحكم الماروني أي بالستينات التي هي مابين 1950إلى 1960 كان في مرجعيون التي مازالت حتى الساعة مركز القضاء لأسباب طائفية وحدود هذا القضاء تمتد من بليدا حتى مشارف العرقوب مع وجود بلدات إسلامية أكبر من جديدة مرجعيون بخمس مرات كالخيام وميس والطيبة إلا أن الفرمانات الفرنسية تقتضي بتشجيهع المناطق والقرى المسيحية على ما سواها بالإضافة إلى الأسباب الإنتخابية وفي هذه المرجعيون كان " مأمور نفوس " إسمه غطاس أبو مراد كان يقبع وراء مكتبه بنظارته السميكة البيضاء ويستقبل المواطنين وكأنه أمبراطور بطريقة فيها من الكبرياء والعجرفة ما فيها بشكل لا يضاهيه في ذلك إلا المندوب السامي الفرنسي أو الوالي العثماني ووظيفته عمليا هي أن يحرر تذاكر الهوية للمواطنين وكان على طالب تلك الهوية أن يحضر مايعرف حتى اليوم بالإستدعا أي الطلب وكان طالب الهوية يقصده من أقصى العرقوب إلى تخوم بنت جبيل في زمن كانت فيه المواصلات على جانب كبير من الصعوبة وقد تكون الدابة في كثير من الأحيان ويأتي المواطن ليقف بالطابور على بابه وكان يطول الإنتظار كثيرا لأن " سعادة المأمور " كان يمحص الطلبات بمنتهى " الدقة " وكثير من " الأناة " وعندما يدخل إليه المواطن كان يمسك بهذا " الإستدعا " ويقلبه يمينا وشمالا طولا وعرضا وبشكل عمودي وأفقي إلى أن يصل إلى خطأ إملائي بسيط وتافه مثل وجهه فيعيد إليه هذا الإستدعا قائلا له : بكبرياء وصلف : بدله فهو غير صحيح ! وربما كان المختار في ذلك الحين غير متعلم بشكل كافي وهو من يكتب " الإستدعا " وربما رداءة الخط تصور الكلمة على غير ما ينبغي فيعود المواطن المسكين إلى حولا وهو يجر أذيال الخيبة ليعاود الكرة وعندما يعود بعد يومين أو ثلاثة ربما يقول له " المأمور : هل أنت هو صاحب الإستدعا فيجيبه : نعم سيدي فيقول له : هل معك شهود؟ هنا يرتبك الرجل فإذا صادف وجود الشهود فإن الأمر يستقيم وإلا فلا بد من العودة الثانية وللحق فإن هذا المأمور لم يكن طامعا بالرشوة كما هو الحال مع من أخلفوه وحتى الساعة ......ولكنه كان غاويا بتعذيب "المتاولي " لأنه من المدرسة التي تخرج منها سمير جعجع وذات يوم جاءه المرحوم عبد الحاج علي غنوي من حولا بطلب"تذكرة هوية " والمرحوم كان يقرأ ويتابع جريدة التلغراف بلهفة كلما أتيحت له الفرصة حيث كان يلتف حوله الناس في دكانه الصغير ليتابعوا معه أخبار الرئيس كميل شمعون ليستطلعوا عما إذا كان شمعون قد زار إسرائيل سرا أم لا ؟ وكان ذلك يتردد على مسامع الناس وقد ثبتت صحته فيما بعد ، وبالطبع فإن الجريدة زمن رئيس تحريرها نسيب المتني الذي اغتيل فيما بعد لم تكن لتذكر هذا صراحة ولعل هذا السبب الذي أدى إلى اغتياله مما كدس أسباب ثورة الثمانية وخمسين وكان عبد الحاج علي يترك الزبائن ويقرأ بصوت عالي أخبار البيك أحمد الأسعد والمعارضة اللبنانية والمعنى أنه يقرأ جيدا المهم أنه قدم " لمأمور النفوس " إستدعا " وهو كان قرأه جيدا إلا أنه فوجئ بأن غطاس يعيد له " الإستدعا " مرفوضا لوجود نقطة لا قيمة لها فوق بعض الحروف وقد تكون سقطت من قلم " المختار " عفوا لأن أقلام ذلك الزمان لم تكن بالمستوى المطلوب ، فاعترض المرحوم وقال له : سيدي : ليس هناك خطأ وا" لإستدعا صحيح " فقال له " المأمور : أنظر هذه النقطة فوق ذلك الحرف ألا تنظر وكان يعيد " تظبيط " النظارة السميكة مرة أو مرتين ليؤكد له أن " النقطة موجودة" فانفجر المرحوم قائلا : سيدي ربما كانت هذه النقطة " خرية ذبانة " والذبان عندنا كثير فغضب " المأمور وأخرجه بالقوة وراح المرحوم يقص حكايته في حولا بحيث عوضته عن قراءة جريدة التلغراف وتسامع الناس بهذه الحكاية فإذا بخرية الذبانة يتداولها كل الناس على أنها نكتة الموسم وانتظرنا طويلا حتى كبر هذا الغطاس وأحيل إلى التقاعد فأراح واستراح واستبدل بمن هو " منّا" فتحلحلت الأمور وما زالت "تتحلحل " ولكن ب" ليرة " داخل الإستدعا واليوم ما زال الحال على حاله ولكن " بألف ليرة وأحيانا بخمسة .....وانخلي ياهلالي !حيث تغير الأمر من طائفي حاقد إلى مرتشي جاحد والحبل عالجرار ...