مابين أكذوبة وأخرى أيهما
الأكثر بجاحة ؟
يبدو أن داعش وأخواتها من نصرة إلى قاعدة إلى
جيش حر إلى أحرار الشام .إلى ....إلى... ما لانهاية ، يبدو أن هؤلاء حزموا
أمرهم وعقدوا النية على أن تحرر فلسطين خلال نصف يوم ، وهذا بمقدورهم وباستطاعتهم إن هم صدقوا
ألم يحتلوا جزءا من سوريا وآخر من العراق خلال رمشة عين ؟ نعم ، وهم
لذلك وانتقاما للأقصى وما لحق به من
إهانات صارخة وانتقاما للشهداء ، وما لحق أسرهم من تهجير انتهى بهدم
منازلهم ، عقدوا يوم أمس اجتماعا
برئاسة "سيدنا" أمير
المؤمنين أبي بكر الصديق حاشا صاحب هذا الإسم وقصدي أبا بكر البغدادي ، وقرروا الآتي : كل بنادقهم وصواريخهم وما ملكت
أيمانهم من رق وإماء ، أن يتوجهوا بها إلى
تل أبيب مباشرة ، وسوف يمطرونها بعشرة
آلاف صاروخ في الدقيقة الواحدة ( صلوا على محمد ...تكبير...) وما تيسر لديهم من الأسلحة التركية الفتاكة والأسلحة
الأمريكية غير الفتاكة ، طبعا هذه أكذوبة ومن جهة أخرى اتضح أن حزب الله لم يحارب
إسرائيل ولم يلحق بها الأذى ولم يحقق
عليها أي نصر ، بل أعطته الجنوب "هدية
"ليكون عميلا لها إلى الأبد ، وهذا الكلام واللهي أي بكسر الهاء ومدها بياء ، لم أقله أنا بل قاله أحد قادة المعارضة السورية الذي كان مرشحا ليكون سفير
المعارضة في الجزائر ، وكان يحاورني في الإذاعة الدولية بالجزائر وعلى الهواء مباشرة
، والإعلام السعودي يروج لهذه المقولة ويدفع
عليها أموالا طائلة ونحن نعرف جيدا الذين قبضوا مقابل ذلك ، وعلى استعداد لطرح أسمائهم في الجزائر .. إذن
نحن الآن أمام أكذوبتين على شيئ كبير من البجاحة
والوقاحة ، والأكذوبة الأولى طرحتها من عندياتي
وأنا واثق من أن أحدا في العالم كله لا يمكن أن يصدقها لأن القوم قد ارتموا
بأحضان إسرائيل وعقدوا معها معاهدات حسن جوار وتفاهم ، وهم جميعا من رحم واحد هو الرحم الأمريكي ...
تصوروا أن كثيرا من دول الخليج المعترفة بإسرائيل ما زالت تتحدث عنها على أنها عدو
، وتقيم علاقات مع إخونجية فلسطين ومنهم
خالد المطفي ، غير أن هذه الدول لم تتورط
في تاريخها الطويل المثقل بالخيانات على
أن تستدعي السفير الإسرائيلي ولو لمرة واحدة ولو من قبيل حفظ ماء الوجه احتجاجا
على أي من المجازر ذات الوزن الثقيل التي ارتكبها العدو لنا والصديق لهم أي الصهيوني
، بحق أهلنا في غزة والقدس ولكن هل تعلمون لماذا ؟ إذا كنتم لا تعلمون فأنا أعرفكم
بالحقيقة وهي كالتالي : الإعتراف
بإسرائيل لم يكن بالأمر العادي ولكنه قَيْدٌ أو كَبْلٌ لا يمكن فكاكه ، وقد تم بموجب قوانين
يمنع بموجبها مجرد التفكيرباستدعاء السفير
الصهيوني ، لأن مجرد استدعاء السفير كما
يستدعى أي سفير ، هو خرق للمعاهدات والمواثيق والعهود السرية المبرمة بين هذه
الدويلات والمشيخات وإسرائيل ، فضلا عن المهمات التي تعهد هؤلاء بتنفيذها ، واستدعاء
السفير الأمريكي ممكن ، أما الإسرائيلي
فلا ، لأن في ذلك إهانة إلى المقام السامي
الذي تمثله إسرائيل ، وحتى لا تحرج إحدى
الدول الخليجية فقد اعترفت سرا بإسرائيل
ونسقت معها مخابراتيا على أعلى المستويات ، وقدمت لها الكثير من المساعدات
المرئية بالعين المجردة والمخفية عن أعين
البلهاء حتى لا تقع بالمحضور ، وكانت
إيران من بين الدول المعترفة
بإسرائيل منذ تأسيسها ، وكانت مع
تركيا تمثلان عصب الحياة للدولة المغتصبة ، وانتفضت إيران وشهدت تركيا الكثير من
التغييرات حتى كان آخر تغيير الذي كان
جذريا بتاريخ تركيا أتاتورك حيث حكمها
الإسلاميون ، وقد هللنا جميعا لما وصفناه بالإنتصار التاريخي الحاسم للمسلمين في
دولة كتركيا ، وقلنا بأن تركيا وإيران سوف
يمثلان السند الأساسي لفلسطين ثم حكم الإخوان في مصر ، ففرحنا أكثر غير أن الفرحة لم يكتب لها أن عاشت ولو
لأيام ، وبحكمهم كشف النقاب عن الإتفاقيات المبرمة سرا مع إسرائيل ، ولا نريد الحديث
عن تركيا ، غير أننا نتساءل وبتجرد :لماذا إيران ضربت وتركيا ومصر أضربتا
عن الضرب ؟ تركيا ومصر تم التغيير فيهما بطرق وصفت بالديمقراطية عن طريق الصندوق ،
وإذا عرفتم أن كل الصناديق أمريكية مدموغة
بخمسين نجمة بطل عجبكم ، أما إيران فكان
التغيير فيها عن طريق الشارع أي الشعب بعيدا
عن ديمقراطية أمريكا ، وأمر الشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني بأن
يطرد سفير إسرائيل منها كما يطرد الكلب ، والنتيجة أن إيران خضعت لعقوبات طال أمدها وأخذت عمر الثورة ، ولهذا السبب رفض جرابيع السلطة في لبنان وأيدهم للأسف وليد
جنبلاط بعدم قبول الهدية الإيرانية لتسليح الجيش اللبناني لتمكينه في وجه الإرهاب ، لأن القوم ما زالوا غاضبين بسبب إهانة صاحب السعادة السفير الإسرائيلي وطرده من طهران ذلك أن الإيرانيين كانوا يرون وما يزالون يرون أن طهران
من الطهر ، وإن وجود السفير الإسرائيلي فيها
ضرب من النجاسة والرجس ، وهذا يتناقض مع طهارتها
، وبالتالي فإنه ينقض وضوء الإيرانيين ، فكانوا
يتيممون في الماضي للصلاة باعتبار أن الماء الذي يغسل الرجس غير متوفر ، أما الآن فقد عادت طهران إلى طهارتها منذ خمسة وثلاثين عاما ، في حين أن المعترفين بإسرائيل فإن وضوءهم يتم بطريقة
أخرى أي باستمطار العطف والتبريكات من إسرائيل ، والنجاسة لا تطهر من النجاسة ،
وهذا هو مجمل الحكاية فلا تستغربوا ولا تتعجبوا ...