لا ياغبطة البطريرق
لا ياغبطة البطريرق ما هكذا تورد الإبل ! لقد آلمتنا وخيبت آمالنا فيك وسددت طعنة إلى ظهورنا في الوقت الذي كنا قد توسمنا فيك الحكمة والعقلانية وقد أشبعتنا بسفسطائيتك وأتخمتنا بليونة منك ما كانت صادرة من القلب كما غمرتنا بحشد من الكلمات المعسولة فخدعت الكثير منا وأقول الكثيرين لأنني أنا شخصيا لم أكن من أولئك المخدوعين وأنا لا أبوح بسر إن قلت لك وبصريح العبارة أنني لم أكن مطمئنا إليك ولو للحظة واحدة ولم أكن واثقا منك ولو سهوا أو تمنيا لأنني قد خبرت الرجال فلم أر أنك واحد منهم كنت أعرف تلونك لأنني أعرف من تمثل والفرق بينك وبين أقرانك من رجال الدين أنك تنطوي وهم مسطحون تلتزم باستراتيجية وهم عفويون تلتحق بركبك وركبهم لا رابط بينهم وبينه يخطط لك أناس ولا يخطط لهم إلا أمزجتهم التي تكون عكرة حينا وصافية حينا وشأنهم في ذلك شأن البحر الهائج الذي يختلف في مدى ما يمثله من خطورة عن البحر الهادئ وهو الأكثر خطورة فأنت الهادئ المتمعن المتعقل المتأمل المفكر وهم الفوضويون الذين يخبطون في صحاراهم كالناقة العشواء نعم أنت هكذا وهم كما وصفتهم وإنك دائماالأخطر والأكثر انطواء ودهاء وأين أنت من القباني أو قبلان أنت الإلتواء والمكر وهم البساطة ولنقل السذاجة وأين كنيستك من صوامعهم هم لايجتمعون إلا نهارا وأنت لا تخطط إلا ليلا .. ياغبطة البطريرك من حق الطائفة المارونية الكريمة علينا أن نطأطئ لها احتراما وتقديرا لما قدمته وقدمه مثقفوها للعروبة ولبنان ومن حق مقام البطريركية علينا لما يمثله بالنسبة لنا الإحترام والتقدير ولكن على ألا ينحرف القائم على ذلك الصرح عن الجادة ولا يزوغ بصره ولا تشط باصرته ، لقد جمعت الصيف والشتاء على سطح واحد ياغبطة البطريرك وأقولها لك بصراحة نحن لم نكن سعداء عندما تجمع سايمان فرنجية وميشيل عون مع الثنائي سمير وأمين لأن جمعك لهم على مائدة واحدة كان تآمريا وطائفيا ، ولكن ميشيل عون وسليمان لم ينخدعا فكنت كمن يوفر الفرصةللقاتل ولكن قل لي هل جمعنا نحن المتناقضات الإسلامية كما فعلت بالمتناقضات المسيحية على سطح واحد ؟ لا لأن الجمع عندئذ يكون ظاهره رحمة وباطنه نقمة ، ظاهره توحيد كلمة ، وباطنه تآمر وخداع ومكر وتضليل وتفريق لكلمة الناس ، إن للناس آراءهم واجتهاداتهم ونحن ما قلنا بأننا سوف نأتي برئيس من خارج الطائفة المارونية ولكننا كنا نبحث عن الأنسب والأصلح ، أما أنت فكنت وما زلت تبحث عن الأسوأ نحن وبصريح العبارة نكره القرآن الفرنسي والإنجيل الصهيوني والزبور التوراتي اليهودي نحن نكره التوزيع الطائفي الذي فرضته علينا فرنسا ومن تبعها والتحق بركبها ونؤمن بالمواطنة ، ومن حقنا أن نبحث عن الماروني اللبناني المخلص والطائفة المارونية غنية بهؤلاء فلماذا تحاول أن تقطع علينا الطريق بقاتل كالسمير وليس سميرا ؟ دعنا نفتش عن رجل ماروني تطمئن له باقي الطوائف وتنسجم معه ليتسنى لنا بناء ما تهدم من هذا الوطن الذي ما هدمه إلا التطرف المذهبي والطائفي والتنوع في الموالاة للأجنبي ، دعنا نعمل على إعلاء صرح المواطنة ياغبطة البطريرك ولنعد إلى رحلتك المشؤومة إلى القدس فلو كانت هذه الرحلة بريئة لما كان لنا أن نعترض عليها ، ولو كانت موضع إجماع لما كان من حقنا النيل منها ولو كانت في الوقت المناسب لما كان لنا أن نتكلم ولكنها جاءت ملتوية من بدايتها وحتى نهايتها ومشؤومة في أهدافها وما انطوت عليه من اعتراف صريح بالعدو الصهيوني ، ففي البداية زعمت بأنها سوف تتم تحت ظل زيارة البابا فإذا بالبابا ينفي ذلك ويكذب مزاعمك حيث قال بأنها بمبادرة منك وكان عليك لو فكرت مليا وبعقلك وحكمتك ودرايتك أن تقلع عنها وتبدل رأيك وتلغيها احتراما للطوائف التي كنت وما زلت تصفها مع بقية الطوائف بالشركة فهل يجوز أن تضرب بهذه الشركة بعرض الحائط وتهمل تطلعاتها ومطامحها وتلغي دورها وتضرب مصالحها وأمنها واستقرارها الذي زعزعته إسرائيل وما زالت تكيد له ؟ وهل يجوز لك ولو من باب المجاملة ألا تأخذ بعين الإعتبار مشاعر هذه الطوائف ؟ ثم من قال لك بأن الطائفة السنية أصبحت متصالحة مع العدو وأصبحت تابعة للسعودية وإسرائيل ؟ ومن قال لك بأن الطائفة المارونية الكريمة تسيح بحمد سمير جعجع الذي لإسرائيل عليه فضل كبير حيث تدرب بها ونفذ مخططاتها ؟ ومن قال لك أن الطائفة المسيحية عامة هي ممن يوافق على مد اليد إلى إسرائيل مصافحة مسامحة ؟ .. ياغبطة البطريرك إن الخمسة آلاف مسيحي الموجودين في إسرائيل لم يكونوا مهجرين وليسوا ممن هجرهم وليد جنبلاط ولكنهم ومعهم مجموعة من المسلمين كانوا من العملاء والمجرمين شعروا بما ارتكبته أياديهم الملطخة بدمائنا فهربوا مع أسيادهم وأنت تعلم أن كثيرين من أمثالهم مازالوا في لبنان ونحن الذين عانينا منهم ومن استفزازاتهم على الحواجز والمحتشدات والمعتقلات ، وقد تمت حمايتهم بالرغم من معرفتنا لهم ولجرائمهم فكيف لك أن تصفهم بالمظلومين وكأنهم طردوا من ديارهم ؟ أهكذا تورد الإبل يا صاحب الغبطة ؟ إن لك علينا احتراما وتقديرا وإجلالا ما دمت تحترم مشاعرنا ومواطنتنا ومشاركتنا لك في هذا الوطن التعيس ولكن عندما تنحرف عن الجادة وقد انحرفت فلا احترام لك علينا ، وإن شرفاء الطوائف المسيحية يقدرون هذا وينظرون إليه بعين الإعتبار وما زلت أقول بأن شرفاء الطوائف المسيحية أكثر بكثير من سفهائها وكذلك الحال بالنسبة لباقي الطوائف .. ياغبطة البطريرك اسمح لي أن أقول لك في الختام لقد خسرت الكثير الكثير وهو يعادل أضعاف أضعاف ماكنت كسبته وربحته بحذلقتك ومداهنتك ونعومة ألفاظك وعباراتك المنمقة الفضفاضة ، فراجع نفسك وأنت لست بمراجع ولست بمتراجع واعلم أخيرا أن لبنان وطن الجميع وإنك خنت الأمانة وأسأت للأكثرية إن لم أقل بأن إساءتك لحقت الجميع وما دامت لحقت بالوطن فإنها مست الكل والوطن بالتالي ليس مزرعة وليس لعبة وليس مزاجا وليس ملك طائفة أو مذهب أو تيار فلي بلبنان مثلما لك ودعنا من المقامات فالمقامات بقدر ما تحترم المقام تحترم الجماعة وبقدر ما يحترمها أصحابها تجد في المقابل ما يعادل مسلكيتها بالمثل أو يزيد ، وأخيرا أقول بأنك ارتكبت خطأ جسيما ومن المستحيل أن تمحو تلك السيئة بألف حسنة والسلام على من اتبع الهدى