الاثنين، 29 مايو 2017

نحن والتاريخ بين الماضي والحاضر


                                 نحن والتاريخ بين الماضي والحاضر

علينا الإعتراف بأننا كعرب نعيش حالة من الإحباط المطلق، ومحاطون تاريخيا بهزائم متتابعة قديما وحديثا ، وتلفنا موجة عاتية من الخيبات المتكررة ، وسحابة سوداء داكنة من اليأس والقنوط ، وإن أسوأ المراحل التي نعيشها هي المرحلة الراهنة بسبب أننا نعيش في ظلمة خانقة وحولنا في عالمنا أنوار تتلألأ في كل سماء نحرم من بصيص باهت منها ، يعيش الناس في بحبوحة ونعيش حالة من الإختناق المعيشي والجوع المموه بخبزة جافة يابسة وكسر ترمى لنا من بعيد من فضلات المتحكمين بخيراتنا وفتات موائدهم ، نعيش الظلم ويعيش الناس بحيث يتمتعون بنسائم الحرية المنعشة ، نعيش الرق والعبودية ويعيشون الإنطلاقة ترفل بأيدينا قيود المهانة والذل، ويعيش الناس على الخلاف منا كما يحبون ويهوون ويشتهون ، نعيش العقد القاتلة ويعيشون راحة النفس وهدوء البال وصفاء الفكر والخاطر وسيادة العقل ، نعيش الفوضى القاتلة ويعيشون النظام والقانون ، يعيشون العدالة ونعيش حالة من التمييز والتفرقة ، فقدنا السيادة وفقدنا الثقة بذواتنا فكفرنا بأنفسنا ، ونحن ما زلنا نعيش عذاب النفس والوجدان ، ونمارس عملية جلد الذات ليل نهار ، نعرف ونجهل ، نعلم ولا نعلم ، نعيش الخوف والرعب وندعي غير هذا ، نفتقر إلى الأمن والأمان ونعاني الخوف والترقب والقلق ، كرهنا أنفسنا وبصقنا على تاريخنا وجهلنا ما يعلمه الناس عنا ونحن نردد كالببغاوات صباح مساء ما يملى علينا ، ثم نخدع أنفسنا بادعاء المعرفة ونحن أبعد ما نكون عن حقيقة ذاتنا ! ترى فإلى متى وكيف وأين ولماذ؟ أسئلة تتزاحم على أبواب ومسارب أفكارنا ونحن لا نحسن الإجابة عليها ، فهل كنا كما قيل وقلنا وقالوا ؟ وهل كنا أهل سيادة وعظمة وعزة وكرامةوبأس وصلابة ؟ ولكن كيف تبخرت هذه القيم وزالت تلك النعم واندثرت تلك الأمجاد؟ وهل بتنا لا نعي ولا نفهم ؟ اجتحنا العالم وندعي أننا لم نكن كالمغول والتتار ولم نكن كالصليبيين ولا كأوباش محاكم التفتيش في إسبانيا غداة تم تطهير جزيرة الأندلس من أمرائنا ومترفينا وممزقي بلادنا ، زورنا التاريخ وقلنا بأننا حكمنا الناس بالعدل ونحن مازلنا حتى الساعة نمجد المجرمين من قادتنا وننظر إليهم نظرة قداسة وأطهر واحد منهم كان أنجس من خنزير ؟ فكنا بارعين في التزوير واستسلمنا لرقاد طال وغفلة سبات عميق لايبدو أن انتفاضة عليه قد تأتي ، كفرنا وارتدينا ثم ادعينا التقوى والصلاح ، ونحن أبعد الناس عن هذا وذاك ، ومشكلتنا ليست في غاية التعقيد ولكن وقفة قصيرة بتأمل واعتبار ، تجعل اليقظ منا على علم بكل ماآل إلينا في ه الوضع وأسبابه ، فالدولة العثمانية التي أتخمتنا بجهالتها وظلمها وبشاعة حكمها حيث أغرقتنا على مدى قرون خمسة ببحور من الظلمات ثم مكنت منا أخيرا الأعداء الأعلم والأكثر ثقافة والأعمق دراية بالتاريخ حيث قرأوه سطرا سطرا وكلمة كلمة فتمكنوا من السيطرة علينا وإلحاق الهزيمة المطلقة بنا لأنها كانت مبنية على أسس علمية ذكية فتم تخديرنا وتمكنوا منا وأمسكوا بتلابيبنا وهيهات لنا الإفلات من أيديهم والتحرر من قيودهم ، كنا أغبياء وكانوا علماء أذكياء كنا جهلة بالمطلق وعرفوا كيف تتم السيطرة علينا وقد استعانوا علينا لجهالتنا بأنفسنا ، وهاهم يقاتلوننا برجالنا وينفقون على حربنا من أموالنا ، فأنى تؤفكون وكيفما تنقلبون ؟ فأنتم في الهاوية تأملوا نحن لم ولن ننتخب حكامنا وإنما يعينهم أعداؤنا ويحيطونهم بأسلاك شائكة من العملاء وحشد من الجواسيس فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ نعم نحن في قاع الهزيمة ولاتظنون أنكم من قاعها سوف تنجون وتصعدون تلك هي بلادنا فاتركوا الخوف والكذب وعودوا إلى أنفسكم واقرأوا تاريخكم ببصيرة وتعقل وتأمل وارسموا خطوط مستقبلكم وفربما وعساكم تنهضون
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق